القائمة الرئيسية
EN
تنبيه عاجل: يجب على المجتمع الدولي التدخل الفوري في أعقاب مداهمة قوات الاحتلال الإسرائيلي لمكاتب مؤسسة الحق- إلى جانب مكاتب المؤسسات "المصنّفة" الأخرى- وإعاثة الخراب فيها وإغلاقها
18، أغسطس 2022

خلال ساعات الصباح الأولى من يوم الخميس، 18 آب/ أغسطس 2022، وفي حوالي الساعة الثالثة صباحاً، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة رام الله، مستهدفة مكاتب مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية الستة التي سبق وأن صنّفها الاحتلال بأنها مؤسسات "إرهابية"، إذ دخلت إلى هذه المؤسسات بالقوة وداهمت مكاتبها. شملت هذه المؤسسات كلاً من مؤسسة الحق ومؤسسة الضمير ومركز بيسان للبحوث والإنماء والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين واتحاد لجان العمل الزراعي واتحاد لجان المرأة الفلسطينية. داهمت قوات الاحتلال أيضاً مقر اتحاد لجان العمل الصحي في المدينة. إن هذه الممارسات الوحشية المتمثلة بالاقتحامات والمداهمات وعمليات النهب والإغلاق تشكل النهج القعمي الأخير الذي تنتهجه سلطات الاحتلال بحق مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية، التي تعمل بدورها على نصرة حقوق الإنسان وتوطيد سيادة القانون، وتطالب بإنهاء النظام الإسرائيلي العدواني المستمر منذ 74 عاماً والقائم على الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري، والذي يحول أيضاً دون تمتع الشعب الفلسطيني في حقه الجمعي بتقرير المصير والعودة إلى أراضيه التي هُجّر منها.

 

في التاسع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2021، أعلنت السلطات الإسرائيلية تصنيف ست مؤسسات مجتمع مدني فلسطينية رائدة بأنها مؤسسات "إرهابية" بموجب قانون مكافحة الإرهاب الإسرائيلي لعام 2016. كما تم تمديد تطبيق هذا القرار إلى الأرض الفلسطينية المحتلة في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 بموجب أمر عسكري، أعلنت فيه أن هذه المؤسسات غير شرعية، وذلك وفقاً للمادة (84/1/ب) من أنظمة الدفاع (حالة الطوارئ) لعام 1945. ينص الأمر العسكري على أنّ كل فرد من أفراد المؤسسة؛ "الحق" أو "مؤسسة الحق" يعتبر غير قانوني بموجب أحكام أنظمة الدفاع". وفي أعقاب الإعلان الصادر عن بيني غانتس يوم أمس، فقد دخل الأمر العسكري حيز التنفيذ بصورة كاملة في الأرض المحتلة، حيث قاد يهودا فوكس، القائد العسكري الإسرائيلي، مداهمة عسكرية لمدينة رام الله بهدف إغلاق مكاتب المؤسسات الستة قسراً، في محاولة لتقويض عمل المدافعين/ات عن حقوق الإنسان، في انتهاك جسيم لحرية التعبير وتكوين الجمعيات. تمثل مثل هذه القرارات محاولة للتعدي على هذه المؤسسات والتغول على عملها في مجال حقوق الإنسان، بصورة تتجاوز اختصاص القائد العسكري بموجب المادة 43 من اتفاقيات لاهاي لعام 1907، وتنتهك ضمانات الحقوق الإنسانية الأساسية للأشخاص المحميين/ات بموجب المادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

 

في حوالي الساعة 3:23 صباحاً، فجّرت قوات الاحتلال الإسرائيلي باب المؤسسة الموصد الذي يغلق مكاتبها، حيث أطلقت النار على مفاصل الباب وأقفاله وداهمت مقر المؤسسة، مما أدى إلى تفعيل جرس الإنذار فيه. وفي الطابق السفلي لمقر المؤسسة، كسرت قوات الاحتلال الإسرائيلي الباب الأمامي للكنيسة الأسقفية، مخلّفة وراءها قطعاً كبيرة من الزجاج والعبوات الإسفنجية وعدداً من قنابل الغاز والرصاص المغلف بالمطاط والرصاص الحيّ في محيط المكان. داهمت القوات المسلّحة مؤسسة الحق حيث دخلت إلى كل مكتب من مكاتبها ودمرت أقفال الأبواب محكمة الإغلاق لكل من الدائرة المالية والمكتب الإداري ومكتب المدير العام وغرفة خادم الحاسوب الرئيس، مما أسفر عن أضرار في المقتنيات والمرافق. عبثت قوات الاحتلال في الملفات وبعثرت عدداً من الملفات المالية على وجه الخصوص وألقتها إلى الأرض كما أراقت أكواب القهوة وأعاثت فساداً في المكاتب والحمامات.

 

أما في غرفة الاجتماعات، فقد ألقت قوات الاحتلال العلم الإيرلندي إلى الأرض، علماً بأنّ المؤسسة كانت تعلّقه بصورة رمزية تقديراً ل"مشروع قانون الأرض المحتلة" الإيرلندي الذي يحظر استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية والخدمات التي تقدّمها. كما ألقت القوات خارطة لفلسطين التاريخية عام 1948، هذه الخارطة التي تمثّل فلسطين الكاملة، فلسطين غير المقسّمة، وفلسطين الحرة والمتحررة من براثن الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري والجرائم الدولية. أسقطت قوات الاحتلال عن الجدار الموجود في مدخل المؤسسة أيضاً الإطار الذي كان يحوي جائزة خوزنبينينج المرموقة للمدافعين/ات عن حقوق الإنسان، التي كانت قد حصدتها المؤسسة عام 2010، لالتزامها وتميزها في توثيق ورصد جرائم وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة وواسعة النطاق بحق الشعب الفلسطيني.

 

في أعقاب  مداهمتها لمكاتب المؤسسة وإعاثة الخراب فيها، شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلي في لحم باب حديدي معزز فوق الباب الرئيس للمؤسسة، مغلقةً به المكتب بصورة كاملة تعيق دخول أي شخص إليه، كما ألصقت عليه أمراً عسكرياً، بالإضافة إلى نسخة أخرى كانت قد وضعتها على المدخل الرئيس للمبنى. ينص هذا الأمر العسكري على أنه وبموجب المادة 319 من أنظمة حالة الطوارئ لعام 1945، وتعقيباً على القرار الصادر في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر القاضي بتصنيف الحق كمؤسسة غير شرعية؛فإن  القائد العسكري يأمر بإغلاق مكاتب مؤسسة الحق حفاظاً على الأمن والنظام في المنطقة، وأمن قوات الاحتلال الإسرائيلي والنظام العام. كما حذّر الأمر العسكري نفسه من أنه يتعين على "المتصرّفين في المكان إغلاقه والعدول عن إدارته وإبقائه مغلقاً من حين استلام هذا الأمر". ووفقاً لهذا الأمر، فإن مؤسسة الحق تعتبر منظمة غير مشروعة أو تستعمل لتطوير نشاطات تعتبر غير مشروعة.

 

في إصدارها لهذا التنبيه العاجل، تطالب "الحق" المجتمع الدولي بالتدخل الفوري من أجل حماية المؤسسات الفلسطينية الستة التي صنّفها الاحتلال الإسرائيلي بأنها "إرهابية"، والتي تخاطر بخسارة أموالها وأصولها، كما يتعرض موظفوها وموظفاتها للاستهداف المباشر والاعتقال والسجن التعسفيين. كما تحذّر المؤسسة في أعقاب الاستهداف الإسرائيلي لمؤسسات المجتمع المدني من محاولة سلطات الاحتلال تفكيك نسيج المجتمع الفلسطيني، والقضاء الممنهج على المؤسسات الفلسطينية الفاعلة في مجال الرصد والمراقبة، التي تشكّل أساساً لمجتمع فاعل تسوده قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون.

 

في ضوء كل ما ذكر أعلاه، تحثّ "الحق" المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات فاعلة منها:

  • مطالبة السلطات الإسرائيلية بإلغاء تصنيف المؤسسات بأنها "إرهابية" وذلك على وجه العجلة والفورية، باعتبار هذا التصنيف يشكل انتهاكاً لحريات الرأي والتعبير وحرية تكوين الجمعيات، كما ويرقى لأفعال فصل عنصري تعاقب عليها المادة (7/2/ح) من نظام روما الأساسي؛
  • مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على سلطات الاحتلال من أجل الإلغاء الفوري للأمر العسكري الذي يقضي بتصنيف المؤسسات الفلسطينية بأنها غير شرعية، والأمر العسكري الذي يقضي بإغلاق مقرات المؤسسات وتجريم عمل المؤسسات الستة وموظفيها وموظفاتها؛
  • اتخاذ خطوات فعلية، مثل فرض قيود على التجارة وحظر توريد الأسلحة، من أجل ضمان محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على أفعاله اللاإنسانية المستمرة المتمثلة بالفصل العنصري واضطهاد المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان؛
  • مطالبة جمعية الدول الأعضاء والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالتدخل من أجل حماية وضمان استمرارية عمل المؤسسات التي تسعى لتقديم الأدلة إلى المحكمة؛
  • مطالبة الدول الأعضاء الثالثة باستمرار تقديم الدعم وتكثيف التمويل؛ بما فيه التمويل الأساسي للمؤسسات الستة، والعمل مع المؤسسات المالية في دولهم من أجل ضمان تحويل الأموال للمؤسسات المذكورة.