القائمة الرئيسية
EN
رسالة "الحق" لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بخصوص إعلانه لحالة الطوارئ
15، يونيو 2007

فخامة الرئيس محمود عباس المحترم
رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية
تحية واحترام وبعد،،،،

 

فخامة الرئيس،

تقديرا منا لمخاطر ما آلت إليه الأوضاع على صعيد الأراضي الفلسطينية، بل وخطورة هذا الوضع على مستقبل قضيتنا الوطنية وعلى حق شعبنا المشروع في التحرر والانعتاق من الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولته الفلسطينية، وحرصا منا على صون حقوق المواطن الفلسطيني وحرياته في ظل ما تشهده الأراضي الفلسطينية من ظروف غير طبيعية، ارتأينا التوجه لفخامتكم بهذه المذكرة التي اقتضى وحتم ضرورة رفعها، إعلان فخامتكم لحالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية منذ 13/6/2007م.

أن مؤسسة "الحق" وإذ تنظر بقلق بالغ لما آلت إليه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية جراء تغليب لغة السلاح على الحوار، والاحتكام للقوة عوضا عن الوسائل القانونية والدستورية، ما قد يزج الأراضي الفلسطينية في أتون الحرب الأهلية والنزاعات الداخلية التي إن تمكنا من تحديد بدايتها وارهاصات وتاريخ اندلاعها فمن غير الممكن للجميع التكهن بما ستخلفه من دماء ودمار وخراب وألم ومعاناة على صعيد أبناء شعبنا الذي لم يزل خاضعاً لنير الاحتلال وجرائمه التي فاقت معاناتها وأضرارها كل تصور.

إن إعلانكم لحالة الطوارئ، نأمل في سبيل حسن إنفاذه، وضمان عدم استغلاله من أي جهة كانت كمبرر وذريعة لتقييد بعض الحقوق والحريات أو للاعتداء عليها ومصادرتها، أن يتم إسناده بتعليمات واضحة لتوضيح وتحديد حدود وضوابط ممارسة المكلفين بإنفاذ القانون لمهامهم، وذلك عبر التأكيد على مجموع الضوابط التالية:

  • الامتناع عن تعطيل أحكام القانون الأساسي ووقف العمل بها، لكون القانون الأساسي يمثل بلا شك المرجعية العليا الواجب الاحتكام لها، كما أنّ الاستناد لأحكام هذا القانون هو المقياس الذي يجري الاحتكام إليه في منح المشروعية أو إسقاطها عن التصرفات والقرارات الصادرة عن السلطات الفلسطينية الثلاث.

كما أن المجلس التشريعي الفلسطيني يعتبر بمقتضى القانون الأساسي المالك الوحيد لصلاحية تعديل أحكام القانون الأساسي أو تعطيل وتجميد ووقف العمل بها.

  • يجب أن ينصّ مرسوم إعلان حالة الطوارئ بوضوح على الهدف والمنطقة التي يشملها والفترة الزمنية المقررة لهذه الحالة، وهو ما لم نلمسه في مضمون المرسوم الرئاسي الخاص بإعلان هذه الحالة.
  • عدم جواز حل المجلس التشريعي استناداً لمضمون المادة (113) التي جاء بنصها (لا يجوز حل المجلس التشريعي الفلسطيني أو تعطيله خلال فترة حالة الطوارئ أو تعليق أحكام هذا الباب) ولهذا يجب احترام صلاحيات وسلطات المجلس التشريعي الرقابية على إعلان حالة الطوارئ وعلى ما اتخذ خلالها من إجراءات.
  • إنّ الجهات المكلفة بإنفاذ القانون وفق التشريعات الفلسطينية هي فقط الشرطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية المناط بها بمقتضى القانون صلاحية التدخل لإنفاذ القانون، ولذلك يجب التأكيد على حظر ومنع أي جهة غير مالكة لهذه الصلاحية مهما كانت صفتها من ممارسة مهام وصلاحيات المكلفين بإنفاذ القانون.
  • حظر حمل السلاح لغير المكلفين بإنفاذ القانون، وحظر التجمعات المسلحة وفوضى السلاح لأفراد الفصائل وتحديداً كتائب شهداء الأقصى الذين بات البعض منهم يتصرف انطلاقا من كونه السلطة.

إن رفض سلوك وممارسات كتائب القسّام والقوة التنفيذية التي نصبت نفسها كحاكم على صعيد قطاع غزة انطلاقاً من كونها الذراع العسكري لحزب حاكم يقتضي عدم نقل هذا النهج إلى الضفة الغربية، من خلال حظر تدخل التنظيم وجماعاته المسلحة في عمل وأداء مؤسسات السلطة العسكرية والمدنية.

  • تبني مجموع الضمانات التي أقرها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، بخصوص الحقوق والحريات التي لا يجوز تقييدها في حال الطوارئ، وأهمها احترام الحق في الحياة أو وعدم جواز حرمان الفرد من حياته تعسفاً، وحظر إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطّة بالكرامة. وحظر المساس بحق كل إنسان في حرية الفكر والوجدان والدين أو إخضاعه حال ممارسة هذه الحرية لقيود لم يفرضها القانون.
  • حظر تدخل أفراد التنظيمات المسلحة في فرض حالة الطوارئ أو إنفاذ القانون وعدم جواز ممارسة هذه الجماعات لصلاحيات ومهام المكلفين بإنفاذ القانون، ولعل ما يقلق مؤسسة الحق في هذا الصدد تنصيب كتائب شهداء الأقصى لنفسها كجهة مكلّفة بإنفاذ القانون من خلال بيانها المتلفز بتاريخ 15/6/2007م والذي أعلنت بمقتضاه عن حظرها لتنظيم حماس وعن ملاحقتها ومساءلتها لكل مخالف لهذا الحظر في الضفة الغربية، مما يعني مصادرة هذه المجموعات لدور وسلطات الجهات الإدارية المالكة لسلطة وصلاحية منح أو إسقاط المشروعية عن المؤسسات والجمعيات والأحزاب فضلاً عن مصادرتها لدور المكلفين بانفاذ القانون ودور القضاء والنيابة العامة كجهات مساءلة وعقاب.

ولهذا إن السماح لهذه المجموعات بممارسة سلطات وصلاحيات المؤسسات العامة والأجهزة الأمنية سيعني بلا شك تشجيع هذه المجموعات على فرض قانونها ومنهجها على المواطن الفلسطيني.

  • حصر صلاحية المساءلة والعقاب بمؤسسات العدالة الجنائية الفلسطينية وحظر أي إدانة أو مساءلة خارج إطار القضاء العادي الفلسطيني، لكونه الجهة المختصة بمقتضى القانون بمساءلة اي فرد عن انتهاك أحكام القانون، وليس هذا فحسب بل إن القضاء الفلسطيني العادي هو الجهة الوحيدة القادرة على ضمان تمتع الفرد بالضمانات المقررة للمحاكمة العادلة مما يحق العدالة والإنصاف لأي شخص قد يتهم بانتهاك ومخالفة أحكام التشريعات السارية.
  • إن تهاون السلطة الوطنية الفلسطينية في مساءلة وملاحقة أفراد التنظيمات المسلحة عن تجاوزاتهم وانتهاكاتهم لأحكام التشريعات السارية قد قاد إلى تشجيع هذه المجموعات على المس بهيبة السلطة بل والتطاول عليها والاعتداء على مؤسساتها وشخوصها، وعلى المواطنين وممتلكاتهم، ورغم تحذير "الحق" مراراً من مخاطر فوضى السلاح والتهاون في ملاحقة ومساءلة السلطة الوطنية لأفراد المجموعات المسلحة وتحديداً أفراد كتائب شهداء الأقصى وأفراد القوة التنفيذية وأفراد كتائب القسّام اللذين تجاوزوا أو انتهكوا أحكام القانون أو قاموا بالاعتداء على أمن المواطن وحرياته، فلم يجد هذا التحذير ما يستحقه من اهتمام مما شجع البعض على التمادي في تجاوزاتهم، مما هدد السلم والاستقرار والأمن والنظام العام.

  • ملاحقة ومساءلة أي فرد من الجماعات المسلحة حال اقترافه لأي جرم من جرائم الاعتداء على أمن المواطن وحرياته، وعلى الممتلكات العامة والخاصة، لفرض هيبة القانون والنظام ولمنع تمادي افراد هذه الجماعات في تجاوزاتهم واستباحتهم لأمن المواطن وممتلكاته.

  • تشكيل دائرة شكاوى على صعيد مؤسسة الرئاسة لكي يتم التوجه إليها من مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية بهدف التدخل والمتابعة العاجلة لأي تجاوز أو انتهاك قد ترصده هذه المؤسسات.

  • إن خطورة الوضع في الضفة الغربية وخصوصاً إطلاق يد كتائب الأقصى في التجمع والاستعراض بالسلاح والإعلان عن تنصيب نفسها كحامي وراعي للسلطة الوطنية وصاحب الحق بالملاحقة والمساءلة تنذر بوقوع العديد من التجاوزات أو الاعتداءات التي قد تؤدي إذا ما تم التهاون بمواجهتها إلى تفجر الأوضاع في مختلف مناطق الضفة الغربية وبالتالي دخول هذه الأراضي في حالة فوضى ودماء وأعمال انتقامية قد يصعب السيطرة عليها أو التكهن بنتائجها، لذا تلتمس "الحق" من فخامتكم وبالنظر لخطورة الأوضاع الجارية على صعيد الأراضي الفلسطينية المحتلة ضرورة التشدّد في فرض النظام العام والقانون وضمان انصياع الجميع لأحكامه.

 

مع خالص الاحترام والتقدير
شعوان جبارين
مدير عام مؤسسة الحق