القائمة الرئيسية
EN
"الحق" تدين اعتراف الولايات المتحدة بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل
07، ديسمبر 2017

أقدم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، يوم أمس الموافق 6/12/2017 على إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها. ويمثل هذا الإعلان انتهاكاً مباشراً ومتعمداً لالتزامات الولايات المتحدة بموجب القانون الدولي والعديد من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي الملزمة. إن قيام إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بضم القدس، هو إجراء غير قانوني، وفق القانون الدولي، كونها جزءاً من الأرض الفلسطينية المحتلة، وإسرائيل دولة قائمة بالاحتلال، وليس لها أية حقوق سيادية على القدس المحتلة.

وقد أكدت هيئات الأمم المتحدة، بعد ضم إسرائيل القدس الشرقية عام 1967، بما فيها مجلس الأمن بقراره رقم 267 الصادر في عام 1969 " أن جميع الإجراءات التشريعية والإدارية والأعمال التي اتخذتها إسرائيل من أجل تغيير وضع القدس، بما في ذلك مصادرة الأراضي والممتلكات، هي أعمال باطلة ولا يمكن أن تغير وضع القدس". كما وأكد قرار مجلس الأمن رقم 478 لعام 1980 على عدم الاعتراف ب"القانون الأساسي" الإسرائيلي بشأن القدس ودعا جميع الدول الأعضاء إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية في حينها من المدينة المقدسة. وبالتالي، فإن الاعتراف بضم القدس إلى إسرائيل هو تماشي وتواطؤ علني مع المشروع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة، التي أدانها مجلس الأمن الدولي في قراره الصادر مؤخراً رقم 2334 لعام 2016 والذي دعا جميع الدول إلى وجوب التمييز فيما بين أراضي دولة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، والأراضي المحتلة عام 1967 في تعاملها.

وتشدد مؤسسة "الحق" على أن هذا الإعلان يشكل انتهاكاً للقرارات الصادر عن الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي، ويهدد مصداقية القانون الدولي، ويهدد للسلم والأمن الدوليين، ويسلط الضوء على الأجندة الأمريكية المنحازة بالكامل لدولة الإحتلال التي ترفض المبادئ الأساسية للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، وتعمل في المقابل على دعم المشروع الاستعماري والاستيطاني من خلال حملات التبرعات للمستوطنات غير الشرعية المقامة على الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها تلك المقدمة على الصعيد الشخصي من الرئيس الأمريكي ترامب وغيره من السياسيين الأمريكيين، بما يتنافى مع القانون الجنائي الدولي، ويشير إلى المسؤولية الجنائية الفردية.

وترى "الحق" أن هذا الاعتراف الأمريكي بالادعاء الاسرائيلي أن القدس المحتلة عاصمةً لها يأتي تزامناً مع عدد من مشاريع القوانين أمام الكنيست الاسرائيلي، والتي تهدف إلى تغيير القانون الأساسي في اسرائيل وتعديل الجغرافية لمدينة القدس لتضم عدداً كبيراً من المستوطنين والمستوطنات تحت ما يسمى منطقة "القدس الكبرى"، حيث قامت اسرائيل عبر السنين بفرض سيطرتها على المدينة بهدف تغيير الديمغرافية لصالح الشعب الاسرائيلي من خلال العمل على خلق أغلبية يهودية في المدينة وتقليص عدد الفلسطينيين في القدس المحتلة باستخدام أساليب متعددة من بينها مصادرة الأراضي والممتلكات، وتوظيف نظام عنصري وتمييزي للتخطيط والبناء، وهدم المنازل، وإلغاء الإقامة وتقييد لم الشمل للأسر الفلسطينية، وإجراءات العقاب الجماعي لأهل المدينة الفلسطينيين فضلاً عن عزل المدينة عن بقية فلسطين المحتلة وعن أحيائها وبناء نظام فصل عنصري.

وفي ضوء ما تقدم، فإن مؤسسة الحق تدعو القيادة الفلسطينية إلى ما يلي:

أولاً: أن تنهي فوراً وبصورة دائمة مفاوضات السلام مع إسرائيل في خضم هذا الإعلان الذي قضى نهائياً على عملية السلام المتعثرة أساساً، لما تشكله المفاوضات مع الاحتلال من انتقاض ومخالفة للقانون الدولي، خاصة وأن الإدارة الأمريكية لها علاقات عميقة ومتواطئة مع النظام الاستيطاني الإسرائيلي، كما أنه لا يمكن استمرار الولايات المتحدة كوسيط في مفاوضات السلام في ضوء الاجراءات التي اتخذتها، حيث تنص المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة على أن "يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق."

ثانياً: العمل على الانهاء الفوري لحالة الانقسام الداخلي الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية وتجسيدها على أرض الواقع، وتعزيز وصيانة الحقوق والحريات والكرامة الإنسانية، وضمان إشراك كافة القوى والفصائل ومكونات المجتمع المدني في بناء استراتيجية وطنية موحدة مبنية على الحقوق في مواجهة تحديات ومخاطر المرحلة.

ثالثاً: وقف كافة أشكال التنسيق الأمني مع دولة الإحتلال وإعادة صياغة العلاقة مع سلطات الإحتلال في مختلف مستوياتها بالإرتكاز إلى استراتيجة الحقوق ووفقاً للقرار الصادر عن المجلس المركزي في آذار 2015.

رابعاً: تجسيد حق الشعب الفلسطيني في النضال بكافة اشكاله من أجل نيل الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير وفق ما أقرت به العديد من القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي اعتبرت في قرارها رقم 3214 الصادر عام 1974 أن أي محاولة لقمع هذا النضال ضد السيطرة الاستعمارية والأنظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة، ولإعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الدولية، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

خامساً: دعوة مجلس الأمن لفرض عقوبات فورية على اسرائيل، وفي حالة عرقلة مجلس الأمن هذا التوجه بسبب الفيتو المتوقع من الولايات المتحدة، دعوة الجمعية العامة والمنظمات الإقليمية بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية لاستخدام جميع الآليات المتاحة لضمان فرض العقوبات على اسرائيل. بما يتطلب تفعيل قرار الجمعية العامة رقم 337 (أ)(د-5) حال فشل مجلس الأمن في التصرف.

سادساً: دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عقد جلسة طارئة للتنديد بإعلان ترامب، ولتؤكد مجدداً عدم شرعية ضم اسرائيل للقدس المحتلة وإعادة إقرار وضعها وفق القانون الدولي. حيث تحرّم مبادئ القانون الدولي الأساسية اكتساب الأراضي بالقوة، وإن الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل يشكل انتهاكاً صارخاً للحق الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير والسيادة الدائمة فوق أرضه.

سابعاً: إحالة مسألة الضم والاستعمار والفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى محكمة العدل الدولية لإصدار فتوى بهذا الشأن.

ثامناً: دعوة للأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف إلى تحمل مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني المحتل، وعقد اجتماع للتصدي للانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها اسرائيل لاتفاقية جنيف الرابعة، وخرق الولايات المتحدة بوصفها طرفاً متعاقداً لمسؤولياتها القانونية باحترام وضمان احترام الاتفاقية في جميع الأحوال.

إن عدم التدخل الفوري والفعال للمجتمع الدولي في مواجهة إعلان الرئيس الأمريكي ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها ينتهك أهداف ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة التي تدعو الدول أن "تتخذ التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم". كما أن تقاعس المجتمع الدولي في القيام بالخطوات الضرورية سيترتب عليه عواقب وخيمة تتصاعد في جميع أنحاء فلسطين المحتلة، الأمر الذي سيكون له تداعيات إقليمية وشيكة.