القائمة الرئيسية
EN
رسالة مؤسسة الحق بمناسبة الثامن من آذار
07، مارس 2019

تتقدم مؤسسة الحق بالتحية للنساء كافة وللمرأة الفلسطينية بوجه خاص بمناسبة الثامن من آذار الذي يصادف اليوم العالمي للمرأة من كل عام، وتود "الحق" بهذه المناسبة أن تعبّر عن دعمها لصمود المرأة الفلسطينية في مواجهة انتهاكات سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في مختلف المجالات من قتل واعتقال تعسفي وتهجير قسري وهدم للمنزل وغيرها من الانتهاكات المباشرة وغير المباشرة، وآثارها على الأصعدة كافة، وعن تقديرها لجهود المرأة في مختلف المجالات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

في ظل احتفال العالم بيوم المرأة، ما زالت المرأة الفلسطينية تكافح أشكال القهر والظلم، وشكلّت في قطاع غزة نموذجاً لحالات التمييز المركّب في ظل الحصار الذي فرضته قوات الاحتلال منذ سنوات على القطاع، وتعثر مشاريع إعادة الاعمار، وتلوث المياه والبيئة، وتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وانخفاض الخدمات الصحية والرعاية الأولية بشكل خطير، واستمرار العقوبات، الذي انعكس بشكل خطير على الأوضاع المعيشية والإنسانية وبشكل خاص على النساء الفلسطينيات وأسرهن، وبلغت حداً كارثياً على مختلف المستويات.

دفعت النساء الفلسطينيات ثمناً باهظاً في ظل إمعان قوات الاحتلال الإسرائيلي على ارتكاب المزيد من الانتهاكات والجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين، ولعلَّ أحدث أشكال العنف والانتهاكات المنظمة الذي مارسته قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، خلال العام المنصرم على وجه خاص؛ تمثل في استهدافها للمدنيين العزل ومن بينهم النساء خلال مشاركتهم/ن في مسيرة العودة السلمية التي انطلقت على الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة في 30 آذار 2018، حيث بلغ عدد شهداء مسيرات العودة خلال العام 2018 (180) شهيدة وشهيداً ارتقوا خلال مشاركتهم/ن في مسيرات العودة، ولا زالت مستمرة حتى اللحظة.

تعرضت المرأة الفلسطينية، إلى جانب المدنيين الفلسطينيين من كافة الفئات العمرية للقتل والإصابة والاستهداف المباشر جراء الاستخدام الإسرائيلي المفرط للقوة المميتة بدون تمييز، ووفق أعمال الرصد والتوثيق لمؤسسة الحق خلال العام 2018 فقد أصابت قوات الاحتلال خلال مسيرة العودة مئات النساء إصابات مباشرة، واستشهدت (4) نساء منهم طفلة رضيعة استشهدت خلال قصف بالطيران نفذته الطائرات الحربية الإسرائيلية في قطاع غزة. كما واستشهدت امرأتان في الضفة الغربية في العام 2019 بنيرات قوات الاحتلال واعتداءات المستوطنين.

وثقت "الحق" استشهاد (303) فلسطينياً خلال العام 2018 وقد بلغ عدد الأطفال من بين العدد الإجمالي للشهداء (60) طفلاً، وبلغ عدد الشهداء من الأشخاص ذوي الإعاقة (10) شهداء، ولم يسلم الصحفيون ولا المسعفون من نيران قوات الاحتلال فاستشهد بذات العام صحفيان وثلاثة مسعفين أثناء قيامهم بأداء عملهم.

تبيّن من توثيقات مؤسسة الحق أن أكثر من (222) شهيداً ارتقوا نتيجة إصابتهم بالرصاص الحي في الجزء العلوي من الجسم، ما يعني أن قوات الاحتلال أطلقت النيران على غالبية الشهداء الفلسطينيين بنية القتل، كما وأظهرت تحقيقات الميدانية التي أجرتها مؤسسة الحق في إطار متابعاتها المستمرة أن الغالبية العظمى من عدد الشهداء ارتقوا خلال مشاركتهم في مسيرات العودة ولم يكونوا يشكلون خطراً على قوات الاحتلال.

وواصلت سلطات الاحتلال خلال العام 2018 سياسة هدم المنشآت والمساكن الفلسطينية على نطاق واسع، ولا سيما في مدينة القدس المحتلة والمناطق المصنفة (ج) وقد بلغ إجمالي عدد المنشآت التي هدمتها قوة الاحتلال (266) منشأة ومن مجمل المنشآت المهدومة هدمت قوات الاحتلال (126) مسكناً عام 2018 بذرائع مختلفة. وقد شكلت النساء المقدسيات نموذجاً لسياسة القهر والظلم التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق مدينة القدس والعائلات المقدسية من تشتيت للأسر وتهجير ومصادرة وقتل واعتقال المنزلي، بغياب مساءلة دولة الاحتلال.

ترى "الحق" ان انضمام دولة فلسطين منذ العام 2014 إلى الاتفاقيات الدولية بدون تحفظات خطوة هامة في مسار إنفاذ حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، إلا أن هذا الانضمام ما زال يفتقر إلى إرادة الالتزام بإنفاذ تلك الحقوق على المستوى التشريعي والسياساتي وفي التطبيق العملي على الارض، وبخاصة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والاتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة وغيرها.

شهد العام 2018 حالة من الجدل الواسع بشأن حقوق المرأة، وبخاصة حقها في المساواة وعدم التمييز، وأظهر التضارب بين الخطاب السياسي والمستوى التنفيذي بشأن إنفاذ حقوق المرأة الواردة في الاتفاقيات التي انضمت لها دولة فلسطين بدون تحفظات، وأبرزها محاولات التأثير التي تقوم بها جهات على المستوى السياسي لإبداء تحفظات على الاتفاقيات الدولية، وعلى نحو عام من شأنه أن يُفرغها من مضمونها، وبخاصة اتفاقية "سيداو".

ترافق ذلك مع تحريض علني واضح المعالم والأبعاد والدلالات من شخصيات رسمية فلسطينية دعت إلى تعنيف المرأة بدنياً، واعتبرته مباحاً في قانون الأحوال الشخصية، بغير وجه حق، بما يشكل تراجعاً خطيراً ينال من مبادئ وقيم حقوق الإنسان وإنفاذ حقوق المرأة على الصعيد المحلي.

لا زال العنف يُمارس بمختلف أشكاله ضد النساء والفتيات، أمام ضعف الأدوات الفعّالة في مواجهته على مستوى الحماية والتمكين الكامل، ولا زالت التشريعات الفلسطينية النافذة تحمل نصوصاً تمييزية، وما لا زالت النساء والفتيات، وبخاصة ذوات الإعاقة، يعانين من تمييز مركب بسبب الإعاقة، ولا زال تزويج القاصرات يُمارس وفق قانون الأحوال الشخصية خلافاً لقانون الطفل الفلسطيني واتفاقية حقوق الطفل.

وما زالت الخطط والبرامج المحلية في مجال حماية وتمكين المرأة الفلسطينية تحتاج إرادة التطبيق، وآليات وأدوات التنفيذ الفعال على الأرض، وتحديد أكثر وضوحاً وفعالية للأدوار والمسؤوليات الرسمية وغير الرسمية، ورقابة جادة على عملية التنفيذ، وتقييم مستمر للأداء.

وبهذه المناسبة تؤكد "الحق" على ما يلي:

  1. ضرورة قيام الدول الأطراف المتعاقدة باحترام مسؤولياتها وكفالة احترامها اتجاه انتهاك سلطات الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة.
  2. ضرورة تعزيز الجهود الوطنية لمتابعة توصيات تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن مسيرات العودة؛ التي تناولت استهداف المدنيين بشكل واسع وبخاصة النساء والأطفال وذوي الإعاقة، وآثارها الاجتماعية والنفسية، بما يكفل تحقيق سبل العدالة والانصاف.
  3. مراجعة واتخاذ التدابير الملائمة كافة، تشريعياً وسياساتياً وتطبيقياً، لإنفاذ اتفاقية "سيداو" وتوطينها محلياً، وتجريم أيّ شكل من أشكال التمييز ضد المرأة والمعاقبة عليه.
  4. تعزيز فرص وصول النساء للعدالة، وسبل الإنتصاف الفعّال، واحترام الكرامة الإنسانية.
  5. مراجعة الخطط الوطنية الخاصة بمناهضة العنف ضد المرأة بما يكفل مواءمتها مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وضمان التنفيذ الفعّال على الأرض.
  6. دعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة بما يؤمن حياة كريمة لها ولأسرتها؛ وبخاصة الحق في العمل بشروط عادلة ومنصفة، وتلقي أعلى مستوى من الخدمات الصحية.