القائمة الرئيسية
EN
الهجمات الإسرائيلية العشوائية وغير التناسبية على المدنيين/ات الفلسطينيين/ات تنتهك القانون الإنساني الدولي وتدلل على ارتكاب جرائم حرب
08، أغسطس 2022

 

الفترة التي يغطيها التقرير (6-7 آب/ أغسطس 2022)

تتابع "الحق" منذ أن شنّت قوات الاحتلال عدوانها العسكري على قطاع غزة، يوم الجمعة، الخامس من آب/ أغسطس 2022، النهج الذي انتهجته قوات الاحتلال في هجماتها على قطع غزة المحاصر، مما يدلل على انتهاك مبدأ التمييز، كما وينتهك بصورة واضحة مبدأ التناسبية في الهجمات العسكرية، التي بدورها قد ترقى إلى جرائم حرب، كما وتعتبر هجمات ممنهجة وواسعة النطاق بحق  السكان المدنيين/ات مما يرقى لجرائم ضد الإنسانية. تعبر "الحق" عن قلقها البالغ فيما يتعلق بعدد الضحايا الكبير بما فيهم 47 شهيداً، منهم ستة عشر طفلاً وأربع نساء، وما لا يقل عن 360 إصابة في صفوف الفلسطينيين/ات في القطاع المحاصر.[1]

  1. انتهاك مبدأ التمييز

كشفت التحقيقات الأولية التي نفّذها باحثو "الحق" في الأيام القليلة الماضية عن أنماط الهجمات التي بدورها توضح المناطق التي قصفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي والتي استخدمت فيها الطائرات الحربية دون طيار (المسيّرة) لقصف الأهداف المدنية لا سيما منازل المدنيين/ات، كما استهدفت جامعة وجيباً مدنياً بالقرب من حفل زفاف، مما يعكس انتهاكاً واضحاً لقواعد قوانين النزاع المسلح التي لا يجوز انتهاكها كمبدأ التمييز. يعتبر الاستهداف المباشر للمدنيين/ات من قبل الطائرات الحربية الإسرائيلية المسيرة واستهداف أكثر المناطق السكنية كثافة بالسكان من أكثر دواعي القلق خلال هذا العدوان. إذ يشير التتبع الزمني للأحداث إلى أنّ هناك استهدافاً مستمراً للمرافق المدنية على فترات مختلفة بمعدل استهداف واحد كل ساعة على مدار ما مدته 48 ساعة متواصلة.

  • في يوم الجمعة، حوالي الساعة 4:15 مساءً، قتل القصف الإسرائيلي الطفلة آلاء قدّوم، خمسة أعوام، ويوسف قدّوم، 24 عاماً، في الشجاعية شرقي قطاع غزة.
  • بعد أربع دقائق، أي حوالي الساعة 4:20 مساءً، أدّت قذيفة إسرائيلية مدفعية إلى مقتل دنيانا العمور، 24 عاماً، بينما كانت في منزلها.
  • يوم الجمعة، 5 آب/ أغسطس، في حوالي الساعة 11:30 مساءً، سقطت قذيفة على منزل المواطن فؤاد غازي عبد الله فرج الله، 46 عاماً، الواقع في "بلوك 9" في مخيم جباليا للاجئين، المكون من طابق أرضي ومسقوف بالإسبست، ما أدى لإصابة فؤاد وزوجته وثلاثة من أطفاله، وقد وصفت جراحهم ما بين المتوسطة والطفيفة، كما تضرر المنزل بشكل جزئي.
  • في محافظة غزة، في حوالي الساعة 11:10 من صباح يوم السبت الموافق 6 آب/ أغسطس، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية منزل المواطن إبراهيم حمدان عمران شملخ، 45 عاماً، الواقع في حي الشيخ عجلين جنوب غرب مدينة غزة، والذي تسكنه ثلاث أسر عددهم نحو 41 فرداً وأسفر القصف عن تدمير المنزل بشكل كامل، كما ألحق أضراراً بالغة في المنازل المجاورة.
  • في حوالي الساعة 11:10 من اليوم نفسه، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية ، منزلاً غير مأهول بالسكان في بلدة بني سهيلا شرق خانيونس تعود ملكيته للمواطن العبد منصور البريم، وأسفر القصف عن تدمير المنزل بشكل كامل، كما أصيب طفل يبلغ من العمر عشر سنوات، كان موجوداً في محيط المكان.
  • في اليوم نفسه وفي حوالي الساعة 12:15 صباحاً، سقطت قذيفة على سطح مبنى جامعة القدس المفتوحة فرع شمال قطاع غزة، الواقع في بلدة بيت لاهيا عند مفترق التعليم، ما أحدث فتحة في سقف المبنى، وألحق الضرر بعدد من القاعات الدراسية.
  • في حوالي الساعة 1:00 ظهراً من يوم السبت الموافق 6 آب/ أغسطس، استهدفت طائرات الاحتلال بثلاثة صواريخ، منزلاً سكنياً مكوناً من ثلاثة طوابق، تعود ملكيته لأبناء المرحوم محمد محمد عبد خليفة، ويحتوي على أربع شقق سكنية تسكنها ثلاث أسر عددهم 12 شخصاً، ويقع بشارع أبو حصيرة بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة. تسبب القصف في تدمير المنزل بالكامل، ووقوع أضرار مادية في عدد من المنازل المجاورة، كما وصلت لمستشفى الشفاء القريب من المكان خمس إصابات بينهم ثلاثة أطفال وصفت إصاباتهم بالطفيفة.
  • في حوالي الساعة 1:35 مساءً، استهدفت طائرات الاحتلال، تجمعاً للمواطنين/ات المدنيين/ات، بالقرب من معبر بيت حانون شمال قطاع غزة، بينما كانوا يتجمهرون حول جيب مدني تعود ملكيته للمواطن محمد محمود أبو قايدة من سكان عزبة بيت حانون بالقرب من مسجد التوحيد، حيث كان يوجد حفل زفاف للعائلة في ذلك اليوم،  وكانوا في طريقهم لنقل عروس ابنهم أكرم بالجيب لبيت زوجها خوفاً من تفاقم الأوضاع الميدانية وإلغاء الزفاف. وتسبب القصف في استشهاد السيدة نعامة طلبة حماد أبو قايدة/ 60 عاماً، والدة العريس، وأصيب في الحادث نفسه خمسة أطفال.
  • في حوالي الساعة 15:55 من مساء السبت نفسه، قصفت قوات الاحتلال تجمعاً للمواطنين، أمام منزل المواطن حسين على الزويدي، الواقع بمنطقة بورة جميل شمال شرق بيت حانون، ما أدى إلى إصابة نجله نور الدين حسين علي الزويدي، 18  عاماً، بشظايا في أنحاء متفرقة من جسمه حيث تم نقله إلى قسم العناية المكثفة في المستشفى، وإصابة المواطن إبراهيم شحدة صلاح أبو صلاح 42 عاماً، كما تسبب القصف بإلحاق أضرار في المنزل.
  • في اليوم التالي، الأحد، 7 آب/ أغسطس ومع حوالي الساعة 4:45 فجراً، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية بصاروخ واحد، أرضاً مجاورة لمنزل المواطن حرب حسن أبو ثابت، ٧٢ عاماً، في بلدة النصر شمال شرق مدينة رفح، جنوب قطاع غزة. أسفر القصف وتناثر شظايا الصاروخ عن وقوع أضرار في المنزل المذكور، وإصابة عشرة مواطنين بينهم ثلاثة أطفال وسيدتين، من سكان المنزل والمنازل المجاورة، وتم نقلهم إلى مستشفى أبو يوسف النجار في رفح.
  • في اليوم نفسه، ومع حوالي الساعة 5:15 صباحاً، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية بصاروخين ، منزلاً لم يكن مأهولاً بالسكان لحظة القصف، في حي التنور  شرق مدنية رفح، يعود للمواطن محمد موسى أبو عراد، ٣٧ عاماً، وأسفر القصف عن تدمير المنزل بالكامل.

خلال فترة إعداد التقارير، وثّقت "الحق" أربعة حوادث قصف أخرى نفّذتها طائرات حربية مسيّرة وقعت خلال ساعة واحدة فقط، بين الساعة 3:30 والساعة 4:30 من مساء يوم السبت، 6 آب/ أغسطس. ثلاث من هذه الطائرات استهدفت بصاروخ واحد منازل المواطنين: عبد الله أبو هربيد، الواقع بمنطقة النزازة، نضال سحويل، الواقع بشارع زمو، ومنزل أيمن البسيوني، الواقع بشارع السكة ببلدة بيت حانون، بينما تم إطلاق ثلاثة صواريخ أخرى باتجاه منزل المواطن إبراهيم ناصر، الواقع بشارع البورة ببلدة بيت حانون، مما يشير أيضاً إلى انتهاك مبدأ التمييز. بعد ساعتين من مساء اليوم نفسه في حوالي الساعة 6:30، استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية بصاروخ تجمعاً للمواطنين في محيط دوار أبو شرخ في جباليا، ما أدي لإصابة ثلاثة مواطنين من بينهم طفلة، وقد وصفت جراحهم داخل المستشفى الأندونيسي بالمتوسطة.

تشير حالات الاستهداف المذكورة أعلاه إلى نمط الاستهداف الممنهج وواسع النطاق الذي تستهدف به قوات الاحتلال الإسرائيلي السكان المدنيين/ات ومرافقهم المدنية، في انتهاك واضح للمبدأ الإنساني الدولي الأساسي المتمثل بالتمييز.[2] يجبر هذا المبدأ الدول الأطراف في الحرب على التفرقة بين المدنيين والمقاتلين وبين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية، بحيث توجّه هجماتها باتجاه المقاتلين والأهداف العسكرية فقط. يعتبر مبدأ التمييز جزءاً من القانون الدولي العرفي وبالتالي يُطبّق على الأعمال العدائية الإسرائيلية.[3] كما ينحدر من هذا المبدأ الحظر العرفي للهجمات التي تهدف إلى بثّ الرعب بين السكان المدنيين/ات. إذ يمكن اعتبار القصف العشوائي وواسع النطاق، إلى جانب قصف المدن، أفعالاً ترعب السكان المدنيين، وذلك وفقاً للجمعية العامة للأمم المتحدة .[4] وبالنظر إلى القصف الإسرائيلي المكثف والمتكرر على المناطق السكنية المدنية في قطاع غزة، فإن هذه الأفعال قد ترقى إلى أفعال عنف محظورة تهدف إلى بث الرعب والخوف في صفوف السكان المدنيين. كما تحظر المادتان (8/2/ب/1)  و(8/2/ب/2) من نظام روما الأساسي، وفي إطار اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، الأفعال التي تشمل "تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية" بالإضافة إلى "تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية".[5]

  1. انتهاك مبدأ التناسبية

خلال فترة إعداد التقارير، وثّقت "الحق" هجوماً على واحدة من الأكثر المناطق السكنية اكتظاظاً بالسكان، فيما يمكن اعتباره هجوماً مفرطاً فيما يتعلق بالميزة العسكرية المرتجاة من العدوان.

في السادس من آب/ أغسطس 2022، وفي حوالي الساعة 21:30 مساءً، شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوماً ضد القائد العسكري في سرايا القدس- الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- خالد منصور. حيث استهدفت قوات الاحتلال عدداً من المنازل في حي الشعوت في مدينة رفح، إذ شنّت الطائرات الحربية عدداً من الصواريخ دون سابق إنذار. مستهدفة منزلاً مكوناً من ثلاثة طوابق باطون، يعود للمواطن حسين المدلل، ومنازل أخرى مجاورة، في حي الشعوت بمخيم رفح للاجئين المكتظ بالسكان المدنيين غرب مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، أحدث القصف دماراً هائلاً في المنطقة، وأسفر عن تدمير ثمانية منازل بشكل كلي فوق رؤوس ساكنيها، وأضرار جزئية في عدد من المنازل الأخرى، وأسفر عن استشهاد ثلاثة مقاتلين من سرايا القدس وسبعة مواطنين مدنيين بينهم طفل وسيدتين، وإصابة 35 مواطناً، منهم 18 طفلاً و12 سيدة، بالإضافة إلى التدمير الجزئي لعدد من المنازل المجاورة. وتم نقل الشهداء والمصابين/ات إلى مستشفى أبو يوسف في رفح، وتم تحويل عدد منهم إلى مستشفى غزة الأوروبي في خانيونس.

تحذّر "الحق" من هذه الهجمات التي تستهدف القادة العسكريين في المناطق المكتظة سكانياً التي يمكن فيها بسهولة توقع سقوط عدد كبير من الضحايا بصورة تنتهك مبدأ التناسبية الذي تكفله المادة (51/5/ب) من الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف، 1977، التي تنص على أنه يتعين على الدول المشاركة في النزاع المسلح أن تستخدم وسائل وأساليب حرب لا تسبب ضرراً مفرطاً لحياة السكان المدنيين أو الأعيان المدنية لا سيما بالنظر إلى الميزة العسكرية المرتجاة.[6] إن انتهاك هذا المبدأ يعتبر أيضاً جريمة حرب لا سيما في إطار اختصاص المحكمة الجنائية التي تحظر "الهجوم الذي قد يُتوقع منه أن يُسبب بصورة عارضة خسائر في أرواح المدنيين أو إصابات بينهم، أو أضراراً بالأعيان المدنية، أو مجموعة من هذه الخسائر والأضرار، ويكون مفرطاً في تجاوز ما يُنتظر أن يُسفر عنه من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة"، عند تنفيذ هذا الهجوم في سياق النزاع المسلح الدولي.

  1. عدم توفير الاحتياطات في الهجمات

خلال فترة إعداد التقارير، وفي اختلاف ملحوظ عن العدوانات السابقة كما يتضح من الحالات التي يتم توثيقها، فشلت سلطات الاحتلال في توفير الاحتياطات اللازمة خلال الهجمات، رغماً من أن هذا المبدأ يعتبر شرطاً أساسياً بموجب المادة (2/3) من اتفاقية لاهاي لعام 1907، والمادة (57/1) من الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف، اللتين تعتبران ملزمتين لإسرائيل بوصفهما قانوناً دولياً عرفياً. إذ يتعين على الأطراف التي تخطط لهجوم "حيثما أمكن" أن تتخذ احتياطات في الهجمات وأن تمتنع عن اتخاذ قرار بشنّ أي هجوم قد يتوقع منه أن يحدث خسائر مدنية مفرطة. وفي هذا الصدد، تنصّ المادة (57/2/ب) من الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف فيما يتعلق بالهجمات، فإنه يجب اتخاذ الاحتياطات التالية: " يلغى أو يعلق أي هجوم إذا تبين أن الهدف ليس هدفاً عسكرياً أو أنه مشمول بحماية خاصة أو أن الهجوم قد يتوقع منه أن يحدث خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق الإصابة بهم، أو الأضرار بالأعيان المدنية، أو أن يحدث خلطاً من هذه الخسائر والأضرار، وذلك بصفة عرضية، تفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة".

  1. شنّ هجمات غير تناسبية على الأراضي الزراعية

سجّلت "الحق" عدداً من الهجمات التي استهدفت أراضٍ زراعية وأسفرت عن إصابات جانبية لعدد من النساء والأطفال في المناطق المحيطة. إذ أصيب خمسة مدنيين في هجمات شنّتها قوات الاحتلال على أراضٍ زراعية في خانيونس والمحافظات الوسطى.

في ٦ آب/ أغسطس وحوالي الساعة 17:30 مساءً، قصفت الطائرات الحربية الاسرائيلية، بصاروخين، أرضاً خالية شمال مخيم النصيرات في المحافظة الوسطى، ما أسفر عن إصابة مواطنة برضوض وكدمات طفيفة، وتضرر عدد من منازل المواطنين. وفي 6 آب/ أغسطس وفي حوالي الساعة 6:00 مساءً، قصفت الطائرات الحربية بصاروخ، أرضاً زراعية في بلدة عبسان الجديدة شرق خانيونس، ما أسفر عن إصابة الطفل نايف خالد العويدات عشرة أعوام، بحجر في رأسه، أثناء وجوده بالقرب من المكان، جراء تطاير الطوب والحجارة من المكان المستهدف. نقل إلى مستشفى غزة الأوروبي، ووصفت المصادر الطبية إصابته بالمتوسطة٠ وبعد نحو عشر دقائق قصفت الطائرات الحربية أرضاً أخرى، في بلدة عبسان الكبيرة شرق خانيونس، ما أسفر عن وقوع أضرار في المكان، وأصيبت سيدة أثناء وجودها بالقرب من المكان. نقلت لمستشفى غزة الأوروبي ووصفت إصابتها بالمتوسطة. في يوم الأحد، 7 آب/ أغسطس، ومع حوالي الساعة 7:15 صباحاً، قصفت الطائرات الحربية أرضاً زراعية شرق بلدة القرارة شرق خان  يونس، ما أسفر عن وقوع أضرار في المكان، وإصابة اثنين من المواطنين تصادف وجودهما في المكان لحظة القصف. وتم نقلهما إلى مستشفى ناصر الطبي غرب خانيونس، ووصفت إصابتهما بالمتوسطة.

إن حالات الاستهداف المذكورة أعلاه لا تعكس استمرار السلطات الإسرائيلية بشنّ هجمات غير تناسبية تسفر عن مقتل عدد كبير من المدنيين/ات فقط؛ بل تجسّد أيضاً الهجمات المتعمدة على البيئة الطبيعية الفلسطينية التي يمكن أن تنعكس عليها سلباً على المدى الطويل. إذ تحظر المادة (35/3) من الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف "استخدام وسائل أو أساليب للقتال، يقصد بها أو قد يتوقع منها أن تلحق بالبيئة الطبيعية أضراراً بالغة واسعة الانتشار". كما تطالب القاعدة رقم (5) من القانون الدولي العرفي الأطراف في النزاع المسلح أن يطبّقوا مبدأ التمييز مما يشمل أيضاً حماية البيئة من أية هجمات إلا إذا كانت تعتبر هدفاً عسكرياً.[7] وفي هذا الإطار، يجب أيضاً الالتزام بتناسبية الهجوم، فإذا كانت الأضرار التبعية (العرضية) مفرطة بالنظر إلى الميزة العسكرية المباشرة والملموسة، فإن الهجوم يعتبر هجوماً غير تناسبي. وعليه، فإن الهجمات المباشرة التي تستهدف الأراضي الزراعية قد تعتبر استخداماً غير تناسبي للقوة، لا سميا بالنظر إلى وجود مدنيين من نساء وأطفال، ومع حقيقة أن الأراضي الزراعية تعتبر مصدراً أساسياً يعتمد عليه للمعيشة في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 15 عاماً.

  1. النية لارتكاب جرائم دولية؛ استمرار لنظرية الضاحية

في 5 آب/ أغسطس، وقبيل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، قال ما يسمى بوزير "الدفاع" الإسرائيلي، بيني غانتس: " أقول إلى أعدائنا بشكل عام وإلى قادة حماس والجهاد الإسلامي بصورة خاصة أن وقتكم محدود وأننا سنعمل على إزالة الخطر بطريقة أو بأخرى".[8] كما أضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في تصريح مشترك مع بيني غانتس: "أي شخص سيحاول إلحاق الأذى بإسرائيل يجب أن يعلم أننا سنعثر عليه، ستقف قوات الأمن في وجه الإرهابيين في حركة الجهاد الإسلامي من أجل القضاء على الخطر الذي يشكلونه على مواطني إسرائيل".[9] يشكل هذا الخطاب التقليدي امتداداً لما يعرف بنظرية الضاحية التي وضّحها أحد القادة العسكريين الإسرائيليين سابقاً بقوله: " سنطلق قوة غير متناسبة على كل قرية يـُطلق منها النار على إسرائيل وسنسبب ضرراً وخسائر عظيمة هناك. فمن وجهة نظرنا، فهم ليسو قرى مدنية، بل أنهم قواعد عسكرية [...] هذه ليست توصية. هذه هي الخطة وقد تمت الموافقة عليها".[10]

تشير التصريحات السابقة بصورة واضحة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين قد وجهوا أوامرهم بقصد شنّ هجمات واسعة وعشوائية على قطاع غزة، وعليه يمكن مقاضاتهم على ارتكاب عدد من الجرائم الدولية. كما أنه وبموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن الأفعال المذكورة سابقاً ترقى لعدد من جرائم الحرب التي تشمل؛ استهداف المدنيين/ات،[11] والقتل العمد،[12] والمعاملة اللاإنسانية،[13] والتسبب بمعاناة شديدة عن قصد،[14] بالإضافة إلى التسبب بعدد مفرط من القتل والإصابات العرضية.[15] كما تعد هذه الأفعال امتداداً آخر للهجمات الإسرائيلية الواسعة والممنهجة بحق الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، كما يمكن مقاضاتها باعتبارها من جرائم الاضطهاد والفصل العنصري وهي جرائم ضد الإنسانية.[16] في هذا الإطار، نحثّ بدورنا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على تضمين هذه الهجمات ضمن التحقيق الذي تنفذّه المحكمة بخصوص الوضع في فلسطين. كما نذكّر الدول الثالثة بالتزاماتها المتمثلة بتطبيق ولايتها القضائية العالمية عند الاقتضاء؛ عملاً بالمادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1]   الإحصاءات الأولية من وزارة الصحة الفلسطينية وتوثيق مؤسسة الحق ليوم الاثنين، 8 آب/ أغسطس 2022، إلى الساعة 15:30. ما زالت تحقيقات "الحق" مستمرة ويمكن أن تحتوي على بيانات تفصيلية أخرى.

[2] الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف، 1977، المادة 52.

[3] القاعدة رقم 10، دراسة من قبل الجمعية الدولية للصليب الأحمر بخصوص القانون الإنساني الدولي العرفي: https://www.icrc.org/en/doc/assets/files/other/customary-law-rules.pdf

[4]  الجمعية العامة للأمم المتحدة، القرار رقم 53/164: لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تقرير المقرر الخاص بشأن وضع حقوق الإنسان في يوغسلافيا السابقة.

[5]  المادتان (8/2/ب/1)  و(8/2/ب/2) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

[6] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "قاعدة بيانات القانون الإنساني الدولي- القانون الإنساني الدولي العرفي"، القاعدة رقم 14: https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/eng/docs/v1_rul.

[7] حماية البيئة خلال النزاعات المسلحة

[8]  تايمز أوف إسرائيل: "غانتس يتوعد بالقضاء على خطر الجهاد الإسلامي على حدود غزة بطريقة أو بأخرى"، 5 آب/ أغسطس 2022: https://www.timesofisrael.com/gantz-vows-islamic-jihad-threat-on-gaza-border-will-be-removed-one-way-or-another/,

[9]  وزارة الشؤون الخارجية: "تصريح مشترك بين رئيس الوزراء يائير لابيد وبيني غانتس"، 5 آب/ أغسطس 2022، https://www.gov.il/en/departments/news/joint-statement-by-pm-lapid-and-mod-gantz-5-aug-2022

[11] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة (8/2/ب/1).

[12] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة (8/2/أ/1).

[13] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة (8/2/أ/2).

[14] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة (8/2/أ/3).

[15] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة (7/1/ح).

[16] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة (7/1/ي).