القائمة الرئيسية
EN
اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2021: لا عدالة للشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني
10، ديسمبر 2021

10 كانون أول/ ديسمبر 2021

يُحيي العالم في العاشر من ديسمبر/كانون الأول من كل عام اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهو اليوم الذي تبنّت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948. كما شهدت الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948 الطرد القسري لآلاف الفلسطينيين/ات من بيوتهم/ن وأراضيهم/ن خلال ما عرف بالنكبة، كما لا تزال سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعزز من نظامها القائم على الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري، منتهكة بذلك الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر.

يحمل يوم حقوق الإنسان لهذا العام عنوان "العدالة" المشار لها في المادة (1) والتي تنص على أنه "يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق". ينطوي مضمون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على معايير القانون الدولي العرفي، كما يعتبر بمثابة شرعة دولية لحقوق الإنسان، وذلك إلى جانب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. من الجدير ذكره أن الاحتلال الإسرائيلي ينتهك بصورة دائمة مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا سيما مبدأ "العدالة". إذ ارتكبت السلطات الإسرائيلية على مدار السنوات الأخيرة عدداً من انتهاكات حقوق الإنسان بشكل واسع النطاق ومنهجي، مع تمتعها بالحصانة الكاملة والتي بدورها تعمل على ترسيخ نظام الفصل العنصري والإبقاء عليه.

تستمر السلطات الإسرائيلية في ممارساتها غير القانونية المتمثلة بالقتل والاحتجاز التعسفيين بحق الشعب الفلسطيني. ففي الأشهر الستة الأولى من عام 2021، تعرّض 42 فلسطينياً/ةً للقتل من قبل قوات الاحتلال في الضفة الغربية، منهم/ن 15 شخصاً قتلوا في ظل ظروف توصف بـ "الهادئة"، و27 شخصاً قتلوا أثناء مظاهرات سلمية أو خلال مداهمات عسكرية. وعليه، فإن دولة الاحتلال تنتهك أهم حق من حقوق الشعب الفلسطيني؛ ألا وهو الحق في الحياة.

كما تواصل السلطات الإسرائيلية سياسات البناء والإسكان القائمة على الفصل العنصري، من خلال الهدم التعسفي لعدد من المساكن والمنشآت، مما ينجم عنه التهجير القسري للفلسطينيين/ات، بينما تشجّع، في الوقت نفسه، نقل المستوطنين/ات الإسرائيليين/ات إلى الأرض المحتلة. إذ أصدرت دولة الاحتلال خلال العام الماضي ما يقارب 800 أمر بالهدم بحق منشآت يمتلكها فلسطينيون/ات في المنطقة (ج) من الضفة الغربية، في الوقت الذي تمت فيه الموافقة على واحد بالمئة فقط من تصاريح البناء التي تقدّم بها الفلسطينيون/ات. كما تستمر جهود السلطات الإسرائيلية الساعية للتهجير القسري للفلسطينيين/ات في حي الشيخ جرّاح وغيره من الأحياء المقدسية المهدّدة بالتهجير مثل حي سلوان. وطوّرت السلطات الإسرائيلية هذا العام من مشروع توسيع المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة (E1) في مدينة القدس، حيث تخطط لبناء 3000 وحدة سكنية، بالإضافة إلى ترويجها لبناء مستوطنات أخرى في الأحياء التي يقطنها الفلسطينيون/ات. إن أفعال نقل السكان التابعين لسلطة الاحتلال إلى الأرض المحتلة تشكّل انتهاكاً واضحاً وصارخاً لاتفاقيات جنيف وترقى لجرائم حرب.

لا تكتفي  السلطات الإسرائيلية بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي تنتهك فيها القانون الدولي فقط؛ بل تستهدف المدافعين/ات عن حقوق الإنسان الذين يدينون الانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال ويطالبون بمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أمام محكمة الجنايات الدولية. فعلى سبيل المثال، ضاعفت السلطات الإسرائيلية  من جهودها الساعية لمنع المدافعين/ات عن حقوق الإنسان في فلسطين من ممارسة عملهم/ن الأساسي في مجال حقوق الإنسان والمساءلة. حيث وصلت ذروة هذا الهجوم في تصنيف ما يسمى بوزير الحرب الإسرائيلي لستّ منظمات مجتمع مدني فلسطينية على أنها "منظمات إرهابية" في التاسع عشر من أكتوبر/تشرين الأول 2021، كما أعقبت هذا التصنيف باتخاذ خطوات مقلقة وخطيرة لتنفيذ هذا القرار وتطبيقه في الأرض الفلسطينية المحتلة. إذ لا تهدف هذه التصنيفات إلى نزع الشرعية عن منظمات المجتمع المدني الفلسطيني وتعريض موظفيها/تها لخطر الانتقام الوشيك فقط؛ بل تسعى أيضاً إلى قطع التمويل وتجفيفه وغيره من أشكال الدعم الدولي من المؤسسات الشريكة والداعمة. كما تكشف الهجمات الإسرائيلية الأخيرة عن محاولة دولة الاحتلال تطبيع أفعالها اللاإنسانية المتعلقة بالاضطهاد والفصل العنصري بحق المدافعين/ات عن حقوق الإنسان الفلسطينيين/ات، التي تشمل المضايقات الممنهجة وحملات التشهير بحق مؤسسة الحق، بالإضافة إلى تهديد بعض موظفيها/تها بالقتل. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، كشفت مؤسسة "فرونت لاين ديفندرز"، من خلال تحقيقات قضائية قامت بها، عن وجود برنامج تجسس على ستة أجهزة من هواتف المدافعين/ات عن حقوق الإنسان العاملين/ات في المنظمات الست المستهدفة، إذ وضّحت أن هناك ستة أجهزة تحمل برنامج "بيغاسوس" التجسسي التابع لمؤسسة "إن أس أو" الإسرائيلية. تعكس هذه الهجمات محاولات الاحتلال الإسرائيلي الواضحة منع المدافعين/ات عن حقوق الإنسان الفلسطينيين/ات من توثيق الانتهاكات التي ترتكبها، معززة بذلك من نظام الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي.

لقد حان الوقت الآن، وبعد مرور 73 عاماً على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و73 عاماً على فرض دولة الاحتلال سيطرتها الاستعمارية على الشعب الفلسطيني وانتهاك حقوقه الأساسية وغير القابلة للتصرف، وعلى رأسها الحق في تقرير المصير، لوضع حد لحصانة دولة الاحتلال من أجل محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أمام محكمة الجنايات الدولية.