القائمة الرئيسية
EN
تهديد صحة وسلامة المرضى في المستشفيات يعدُ خرقًا للقانون الدولي
02، يناير 2021

تتابع وتوثق مؤسسة الحق بعناية وقلق الاعتداءين اللذين نفذتهما قوات الاحتلال الإسرائيلي في محيط مستشفى الشهيد محمد الدرة للأطفال في مدينة غزة ومجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله خلال الأيام القليلة الماضية، واللذين ألحقا أضرارًا بالمستشفيين المذكورين، وهددا حياة بعض المرضى والعاملين المتواجدين فيهما، وتطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية لوقف هذه الاعتداءات ومساءلة مرتكبيها. 

وبحسب التحقيقات الميدانية التي أجرتها مؤسسة الحق، فإنه وفي فجر يوم السبت الموافق 26/12/2020، وفي حوالي الساعة 12:40، قامت طائرات حربية تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف موقع يبعد نحو 400 متر في محيط مستشفى الدرة للأطفال الواقع بحي التفاح شرقي مدينة غزة.

وتسبب القصف الذي استهدف موقعًا يقع وسط منطقة مدنية حيوية ومأهولة بالسكان، بإلحاق أضرار مادية بمستشفى الدرة للأطفال، وبمركز مجاور لتأهيل الأشخاص من ذوي الإعاقة، بالإضافة لمدرسة شهداء غزة الأساسية، والتي تضم طلاب مدرستين، حكومية وأخرى تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، ومركز تعليم تربوي مجاور، ومسجد، ونادي رياضي. كما ألحق القصف أضرارًا بالغة في مصنع مجاور للمكان المستهدف لصناعة البلاستيك، ومصنعًا لتعبئة المشروبات الغازية، وورشة صناعية ومحال تجارية. وأدى إلى إصابة ثلاثة فلسطينيين بجروح طفيفة، أحدهم طفلة تبلغ من العمر ست سنوات، وخلّف القصف حالة من الهلع والرعب لدى الأطفال المرضى ومرافقيهم، وكذلك في صفوف الطاقم الطبي والإداري المشرف على الأطفال، وألحق أضرارًا مادية بالمستشفى.

 وبحسب توثيق مؤسسة الحق، أفاد الدكتور ماجد محمد حمادة، مدير مستشفى الدرة للأطفال، لباحث الحق في غزة، بإنه "في حوالي الساعة 12:40 بعد منتصف ليلة السبت الموافق 26/12/2020، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مكان يبعد حوالي 400 متر من مستشفى الدرة للأطفال. وكان يتواجد في المستشفى لحظة القصف 13 طفل مريض موزعين على أقسام المستشفى، ومعهم 13 مرافقة، إضافة إلى ثلاثة أطفال يرقدون في غرفة العناية المركزة بالمستشفى، ونحو 40 من الطاقم الطبي والإداري والممرضين المشرفين على المرضى. وقد أحدث القصف أصوات انفجارات هائلة، تسببت بحالة من الرعب والفزع للأطفال المرضى ومرافقيهم وللعاملين في المستشفى. كما أدى القصف لتحطم زجاج عدد من نوافذ الغرف في المستشفى، وانقطاع التيار الكهربائي والمياه بالكامل عن المستشفى."

كما ألحق القصف أضرارًا طفيفة بالواجهة الشرقية لمركز غزة لتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة المجاور للمستشفى، حيث تحطم زجاج نحو 20 نافذة ثلاثة أبواب في المركز. ويتبع هذا المركز لوزارة التنمية الاجتماعية، ويخدم 60 فردًا من ذوي الإعاقة في محافظتي غزة وشمال غزة من عمر 14-28 عامًا، من خلال برامج تعليمية وبرامج تأهيل مهني ومركز إرشاد وتأهيل. وقد تسبب القصف بتعطيل الدراسة في المركز لمدة يوم كامل.

قام جنود الاحتلال يوم الأحد الموافق 27/12/2020، وفي تمام الساعة 4:30 فجرًا، باستباحة حرم مجمع فلسطين الطبي في مدينة رام الله، حيث قامت ست مركبات عسكرية إسرائيلية بإغلاق مدخلي المستشفى، وأطلق الجنود قنابل الغاز الخانق المسيل للدموع، والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت في ساحة المستشفى ما أدى إلى إصابة امرأة حامل وموظف إداري بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط.

وفي تمام الساعة 4:30 من فجر يوم الأحد الموافق 27/12/2020، وفقًا لتوثيق مؤسسة الحق، واستنادًا لإفادة أدلى بها السيد محمود عمر جمال زايد، وهو مشرف إداري يعمل في مجمع رام الله الطبي، وكان متواجدًا داخل المجمع الطبي في تلك الأثناء، وإفادة أخرى أدلى بها الصحفي محمد إحمود فايز تركمان للحق، فقد قامت حوالي خمس مركبات عسكرية تابعة لجيش الاحتلال بالوقوف على مدخلي المستشفى مُغلقةً بذلك المدخلين، وقام حوالي خمسة جنود بإلقاء نحو عشر قنابل صوت وما يقارب العشرين من قنابل الغاز الخانق والمسيل للدموع باتجاه جميع من تواجد في ساحات المستشفى الخارجية من مرضى ومرافقين للمرضى وطواقم طبية وعمال آخرين، بينما قام 10-15 من الشبان الفلسطينين بإلقاء الحجارة باتجاه الجنود، علمًا بأن اثنين من الجنود كانا يتواجدان داخل ساحة المستشفى. يجدر بالذكر أن الأقسام القريبة من المدخل معظمها مخصصة لمرضى الكورونا وأن عددًا من المرضى كان موصولاً بأجهزة التنفس الاصطناعي بسبب سوء حالتهم الصحية، وكان وضعهم سيكون أسوأ فيما لو تسرب الغاز المسيّل للدموع لداخل هذه الأقسام. 

أصيب جراء الأعتداء على المستشفى شخصان بالرصاص  المعدني المغلف بالمطاط، وهما:  فداء محمود عبيد عبد القادر، وهي امرأة حامل في شهرها السابع، كانت قد قدمت للمستشفى بسبب أوجاع في البطن، وأصيبت برصاص جندي قناص كان قد شوهد على مسافة مترين داخل ساحة المستشفى وهو يأخذ موضع القنص، أي الجلوس على ركبة ونصف الركبة ليطلق الرصاص باتجاهها وهي تقف على الجسر الواصل بين مبنيين داخل المجمع، وكانت إصابتها في الكتف الأيسر، والموظف محمود زايد الذي أصيب أيضًا برصاصة معدنية مغلفة بالمطاط في كتفه بينما كان يفرق المرضى ومرافقي المرضى المتواجدين في ساحات المستشفى الخارجية حرصًا عليهم من اعتداءات جنود الاحتلال. كما أدى الاعتدء الإسرائيلي إلى إلحاق أضرارٍ في سيارة إسعاف كانت متواجدة أمام المجمع لنقل مريض إلى داخل أقسام المستشفى، حيث ارتطمت قنبلة غاز في زجاجها الأمامي، ما أدى إلى تهشمه.

ليست هذه المرة الأولى التي تعتدي فيها قوات الاحتلال على مستشفيات ومراكز صحية، ونذكر بحالة الشاب عبد الله الشلالدة، الذي قتلته ما يسمى بالقوات الخاصة الإسرائيلية داخل المستشفى الأهلي في الخليل بتاريخ 12/11/2015، بينما كان يرافق أخاه الذي كان يرقد في المستشفى جريحًا.

تؤكد الحق مجددًا أن المستشفيات تتمتع بحماية خاصة بموجب القانون الإنساني الدولي، حيث تنص المادة 27 من اتفاقية لاهاي لعام 1907، والتي هي بمثابة قانون عرف دولي مُلزم لجميع الدول والسلطات، على ضرورة اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتفادي الهجوم على المرافق الطبية والمستشفيات. كما وتنص المادة 18 من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه "لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء النفاس، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات." 

إن ما قام به جنود الاحتلال يعد خرقًا لهذه القواعد لا سيّما أنها لم تكن مصنفة كأهداف عسكرية مستخدمة من قبل مقاتلين في إطار اشتباك مسلح، وأنه في حالة مستشفى الدرة في غزة فإن تواجد مستشفى على بعد 400 مترًا من الهدف المراد إصابته بخمسة صواريخ متتالية يخالف مبدأي التناسب والتمييز، الذي ينص عليه القانون الإنساني الدولي، حيث أنه يجب على أطراف النزاع التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وتقدير مدى جسامة الأضرار الجانبية، الأمر الذي لم تمتثل له قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وعليه، فإن الحق تجدد مطالبتها بتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية حيال ما يجري في الأرض الفلسطينية المحتلة بمساءلة مرتكبي الانتهاكات، وإنهاء الاحتلال من خلال خطوات عملية منها فرض عقوبات على دولة الاحتلال.  كما تطالب الحق بإعادة تفعيل الحملة الدولية الضاغطة لوصم جيش الاحتلال ووضعه على قائمة العار.