القائمة الرئيسية
EN
مؤسسة الحق ترحب بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الرأي الاستشاري بشأن شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وتبعاته
09، مارس 2023

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في تصويت  تاريخي عام لصالح طلب إصدار رأي استشاري بخصوص القضية الفلسطينية من محكمة العدل الدولية. إذ تعبّر "الحق" عن تقديرها العميق للدول الأعضاء السبعة والثمانين التي وقفت مع الشعب الفلسطيني وصوتت لصالح هذا الطلب. إنه لمن الأهمية بمكان أن تفتح الدول الأطراف الثالثة أفق العدالة وسيادة القانون أمام الشعب الفلسطيني الذي ما انفكّ يعاني من حرمان ممنهج لحقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره، ويتعرض لانتهاكات جسيمة للقواعد الآمرة التي ترتب التزامات تجاه كافة الأطراف. يقدم هذا الرأي الاستشاري فرصة مهمة لمحكمة العدل الدولية من أجل دراسة شرعية نظام الاحتلال، الذي وإن تم التوصل إلى أنه ينتهك القانون الدولي، فإنه قد يكبّد الدول الثالثة -وللمرة الأولى- التزامات قانونية حاسمة، بالإضافة إلى مسؤولية المجتمع الدولي العمل من أجل إنهاء الاحتلال.

أرسلت مؤسسة الحق-العضو في مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطيني- في وقت سابق من هذا التصويت، في 17 كانون الأول/ديسمبر 2022، رسائل إلى كافة الدول الأعضاء التي سبق أن صوتت على مشروع قرار لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة). وكان المجلس- الذي يمثّل مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية الرائدة- قد طالب في بيان له الدول الثالثة بتقديم دعمها الكامل قائلاً: "في ضوء فشل الدول الأطراف الثالثة التدخل من أجل وضع حدّ للوضع اللاقانوني القائم، فقد آن الأوان لإجراء دراسة جديدة للتبعات القانونية المترتبة على الاحتلال المترسخ والدائم بشكل واضح، وأن تنظر المحكمة في قانون مسوغات الحرب حول مدى ضرورة وتناسبية الاحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده ليمتد لأكثر من نصف قرن من الزمن، والحرمان الممنهج للشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف".  

عبّرت العديد من قرارات الجمعية العامة بين عامي 1977 و1980 في نصوص ديباجاتها عن قلقها العميق بأن "الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 لا تزال تخضع للاحتلال الإسرائيلي اللاقانوني لأكثر من عشر سنوات، ولا يزال الشعب الفلسطيني، بعد ثلاثة عقود من الزمن، محروماً من ممارسة حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف". كما ركّز التقرير الحديث الذي نشرته لجنة تحقيق الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2022 على وجود "مؤشرين يمكن استخدامهما لتحديد عدم شرعية الاحتلال: ديمومة الاحتلال الإسرائيلي... وإجراءات ترقى إلى مستوى الضمّ، بما في ذلك إجراءات انفرادية اتخذت للتصرف في أجزاء من الأرض الفلسطينية المحتلة كما لو كانت لإسرائيل سيادة عليها".  

إضافة لما سبق، فقد حذّر  خبراء أمميون من أن الاحتلال الإسرائيلي قد تجاوز الخطوط الحمراء بعدم شرعيته، ومنهم المقرر الأممي الخاص في حينه مايكل لينك الذي قدّم اختباراً رباعياً  لتحديد عدم شرعية الاحتلال، بالإضافة إلى المقررة الأممية الخاصة فرانشيسكا ألبانيز التي دعت إلى "الإنهاء الفوري للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي". وفي عام 2007. كما طرح المقرر الأممي الخاص في حينه جون دوغارد تساؤلاً مفاده: "ما هي التبعات القانونية لنظام احتلال طويل الأمد تغلب عليه سمات الاستعمار والفصل العنصري على كل من الشعب المحتل والقوة القائمة بالاحتلال والدول الأطراف الثالثة؟". وفي سياق متصل، أوصى المقرر الأممي الخاص ريتشارد فولك في تقريره النهائي بأن: "تقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة بالطلب إلى محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري بشأن الوضع القانوني للاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد لفلسطين، الذي تفاقمه ممارسات النقل المحظور لأعداد كبيرة من الأفراد من قبل القوة القائمة بالاحتلال، وفرض نظام إداري-قانوني مزدوج وعنصري".

وفي الوقت الذي قدّم فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو وعوداً بأن الحكومة ستقوم "بتشجيع وتطوير المستوطنات في كافة أنحاء الأرض الإسرائيلية- في النقب والجولان ويهودا والسامرة [الضفة الغربية]"، فإنّ قيام محكمة العدل الدولية بإعطاء هذا الرأي القانوني لا يعتبر عاجلاً فحسب؛ بل وجودياً بالنسبة لفلسطين. وعليه، يتحتّم الآن على الدول الأطراف الثالثة أن (1) تلتزم بصورة كاملة بالإجراءات القانونية لمحكمة العدل الدولية، و(2) أن تعمل من أجل إعلاء الأصوات الفلسطينية المطالبة بحقها في تقرير المصير والتحرر من براثن الاستعمار الاستيطاني القائم على الفصل العنصري، و(3) أن تسعى لإنهاء الإدارة العسكرية الإسرائيلية القائمة على الضمّ الدائم للأرض الفلسطينية والمستترة تحت غطاء الاحتلال العسكري.