القائمة الرئيسية
EN
"الحق" تنشر تقريرها بعنوان "الفصل العنصري الثقافي؛ محو الاحتلال الإسرائيلي للتراث الفلسطيني في غزة"
22، فبراير 2022

في الثالث والعشرين من فبراير- شباط 2022، نشرت مؤسسة الحق تقريرها بعنوان "الفصل العنصري الثقافي؛ محو الاحتلال الإسرائيلي للتراث الفلسطيني في غزة". يقوم هذا التقرير على تحقيق نفّذته وكالة فورنزك آركتكتشر (Forensic Architecture) للبحوث التي تتخذ من مدينة لندن مقراً لها، وذلك من خلال استخدامها للعديد من الوسائل التكنولوجية المتطورة والتقنيات "مفتوحة المصدر" من أجل إعادة بناء أحد أهم المواقع الأثرية في قطاع غزة المحتلّ افتراضياً. يتطرق التقرير هذا إلى الحقائق المتعلقة بالقصف الإسرائيلي الاستراتيجي للساحل الغزّيّ،كتجسيد واضح لمحاولة محو الإرث الثقافي الفلسطيني في المنطقة وما يتصل به من حرمان الفلسطينيين/ات من حقوقهم/ن المشروعة. إذ لا ينتهك القصف الإسرائيلي لقطاع غزة مبدأ الضرورة العسكرية في مخالفة واضحة لقوانين النزاعات المسلحة فحسب؛ بل يهدف أيضاً إلى محو الإرث الثقافي الفلسطيني تدريجياً لحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره والسيطرة على موارده الثقافية وبالتالي تهديد وجوده في الأرض. كما تعتبر هذه الهجمات انتهاكاً جسيماً لنظام روما الأساسي باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

تؤكّد "الحق" في تقريرها على أن قصف هذا الموقع الأثري يمكن أن يرقى لجريمة حرب كما يغذّي جريمة الفصل العنصري التي تعتبر جريمة ضد الإنسانية،[1] إذ يؤثر استهداف الإرث الثقافي الفلسطيني تأثيراً جسيماً على جوهر هوية الشعب الفلسطيني ووجوده؛ فعلى سبيل المثال، تربط المحكمة الجائية الدولية بين تدمير الإرث الثقافي والجرائم ضد الإنسانية، لا سيما عندما يأتي تدمير هذا الإرث الثقافي في إطار الهجوم على السكان المدنيين/ات وعندما يكون جزءاً من سياسات الدولة ويتم تنفيذه على نحو ممنهج وواسع.[2] كما أنه وبموجب نظام روما الأساسي، فإنّ ارتكاب جريمة الفصل العنصري على نطاق واسع وممنهج ومعرفة مسبقة ضد السكان المحليين يرقى لجريمة ضد الإنسانية.[3]

خلال العدوان الإسرائيلي العسكري على قطاع غزة الذي امتدّ بين 7 تموز- 26 آب 2014، وثّقت مؤسسة الحق تدمير حوالي 61 مسجداً بصورة  إلى جانب تدمير حوالي 120 مسجد بصورة جزئية، إضافة إلى تدمير كنيسة واحدة.[4] وفي سياق متصل، فإنه وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أيار 2021، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدداً من مناطق الإرث الثقافي بصورة مباشرة كما أسفرت عن تدمير عدد آخر منها جزئياً لقربها من مناطق مستهدفة أخرى. ففي هذا العدوان الذي امتدّ بين 10- 21  أيار 2021، وثّقت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية تدمير الممتلكات الفلسطينية العامة والخاصة، بما فيها حوالي 124 مكان عبادة؛ سبعة منها دُمّرت بصورة كاملة، بالإضافة إلى تدمير سوق بصورة جزئية، وتدمير حوالي 37 منشأة سياحية، منها ست منشآت دُمرت بصورة كاملة بينما دُمّر الباقي تدميراً جزئياً.[5] كانت الحقّ قد حذّرت من تدهور الأوضاع المستمر في قطاع غزة بسبب الحصار الخانق الذي طال أمده على مدار 14 عاماً والحروب الأربعة التي شهدها القطاع من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق السكان المدنيين، إذ أسفرت هذه الهجمات والحصار المفروض على القطاع عن كارثة إنسانية خطيرة جعلت منه مكاناً غير قابل للعيش،[6] كما وترقى لعقوبات جماعية غير قانونية.[7]  

تعكس المنظومة الإجرامية الإسرائيلية في التعامل مع الإرث الثقافي الفلسطيني الصورة الأوسع لنظامها القائم على الفصل العنصري بحق الشعب الفلسطيني برمته. وعليه، فإن السلطات الإسرائيلية، بينما تتغطى بغطاء الاتفاقيات والصكوك الدولية التي وقعت عليها دون أي تطبيق فعلي، تتبع معيارين مختلفين لخدمة الرواية الصهيونية التي ترسّخ السيطرة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية: يتمثل المعيار الأول في المحافظة والإبقاء على المواقع الأثرية التي تخدم هذه الرواية، حيث تعمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي على السيطرة المباشرة على هذه المواقع ومصادرتها واستغلالها لهذه الغاية. أما المعيار الآخر فيتمثل في استهداف جميع المواقع الأثرية التي تتعارض مع هذه الرواية، من خلال تدميرها وتخريبها سواء كلياً أو جزئياً في محاولة منها لمحوها من الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني.

في ضوء هذا التقرير وبناء على تحقيقات وكالة فورنزك آركتكتشر (FA) تطالب مؤسسة الحق:

  • المقررة الخاصة للأمم المتحدة في مجال الحقوق الثقافية أن تبذل مساعيها الحميدة للحفاظ على وحماية قدرة الشعب الفلسطيني في المحافظة على إرثه الثقافي وحمايته وتطويره، وتنفيذ زيارة لفلسطين لتوثيق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الفلسطينيين/ات الثقافية؛
  • المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ولجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن يأخذوا بعين الاعتبار الممارسات الإسرائيلية الممنهجة والعشوائية بحق مناطق الإرث الثقافي الفلسطيني والممتلكات والقطع الأثرية الفلسطينية؛
  • المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ولجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن يعتبروا الهجمات على ممتلكات الإرث الثقافي تصل إلى حد جرائم الحرب كما تعتبر جريمة فصل عنصري لاإنسانية بموجب نظام روما الأساسي واتفاقية الفصل العنصري وقوانين حقوق الإنسان الدولية؛
  •  المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ولجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن تشمل الاستهداف الإسرائيلي للإرث الثقافي الفلسطيني في تحقيقاتها الجارية لربطها مع غيرها من الجرائم المرتكبة التي تخضع للتحقيق، كما تطالبها بتشكيل لجنة تقصي حقائق لجمع الأدلة ذات الصلة باستهداف الإرث الثقافي؛
  • منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) أن تبذل مساعيها الحميدة لحماية الإرث الثقافي الفلسطيني، وذلك بموجب المادة (33/1) من البروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي لعام 1954 الخاص بحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح؛
  • الدول الأطراف الثالثة للإقرار بقيام سلطات الاحتلال بتدمير الإرث الثقافي الفلسطيني لا سيما في قطاع غزة، باعتباره من أهم السبل التي تمكّن سلطات الاحتلال من توسيع مشروعها الاستعماري في الأرض الفلسطينية وتعزيز نظامها القائم على الفصل العنصري بحق الشعب الفلسطيني ككل من خلال محو هويته الثقافية؛
  • مجتمع الدول التابع للأمم المتحدة أن يحثّ سلطات الاحتلال على احترام الإرث الثقافي الفلسطيني وحقوق الشعب الفلسطيني الثقافية؛
  • المجتمع المدني الدولي أن يدعم نضال الشعب الفلسطيني في دفاعه عن هويته الثقافية من خلال إعلاء الأصوات الفلسطينية المطالبة بحقوقها المشروعة.

 

للإطلاع على تقرير الحق باللغة الانجليزية أنقر/ي هنا.

للإطلاع على تحقيق Forensics Architecture  أنقر/ي هنا.

لمشاهدة فيلم Forensics Architecture باللغة العربية أنقر/ي هنا.

 

[1]  مؤسسة الحق تسلط الضوء على نظام الفصل العنصري الإسرائيلي وتطالب بمساءلة مرتكبيه في الجلسة السادسة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، 2021: https://www.alhaq.org/advocacy/18174.html

[2]  تعهدت المحكمة الجنائية الدولية ب"دراسة والتحقيق في كل الصلات التي تربط الإرث الثقافي والجرائم ضد الإنسانية، ومحاسبة الجرائم التي ترتكب ضد أو تؤثر على الإرث الثقافي على أنها جرائم ضد الإنسانية عند الاقتضاء"

[3]  النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة (7/1/ي)

[4]  انظر/ي جدول "المباني العامّة المدمرة في الفترة بين 7 يوليو/ تموز- 26 أغسطس/ آب 2014" في تقرير الحق بعنوان "فرّق تسد: تحليل قانوني للعدوان الإسرائيلي عام 2014 على قطاع غزة": 2015

[5]  بحسب قائمة مصطلحات مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، فإن مصطلح "الضرر الكلّي" يطلق على "عمليات الهدم الكلي أو عمليات التدمير التي يستحيل معها إعادة ترميم المنزل، بل يجب هدمه لإعادة بنائه من جديد"، أمّا "الضرر الجزئي" فإنه يطلق على "الضرر الذي يشمل أضرار النوافذ والأبواب وخزانات المياه وهدم جدران أو أعمدة رئيسية، ولكن المسكن قابل للإصلاح وإعادة استخدامه كمسكن من جديد": التقرير المشترك بين الحق والميزان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بعنوان "العدوان في أرقام: تقريـر يوثـق حصيـلة الضحـايا والخسائر المادية التـي لحقت بالمدنيين وممتلكاتهـم والممتلكات العامـة خـلال عـدوان قـوات الاحتلال الإسرائيلي عــى قطــاع غزة في الفترة من 10 إلى 21 أيار/ مايو 2021"

[6]  فيلم "غزة لا تصلح للحياة" 2019: https://www.alhaq.org/media/15226.html

[7]  مداخلة شفوية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، 2019: https://www.alhaq.org/advocacy/15136.html