القائمة الرئيسية
EN
حواجز الموت تطفئ شعلة "نور"
عمران الرشق
07، ديسمبر 2013

container-checkpoint"الطريق تستغرق 25 دقيقة، فلماذا تصل طفلتي إلى المستشفى في ساعة ونصف الساعة، بأي حق وبأي قانون"، يقول والد الطفلة نور عفانة، والدموع لا تفارق عينيه، محملا الحواجز العسكرية الإسرائيلية المسؤولية المباشرة عن وفاة ابنته المريضة ذات الأربعة عشر عاما.

فالطفلة نور عفانة (14عاما)، من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتقطن بلدة أبو ديس جنوب شرق مدينة القدس المحتلة، كانت في وضع صحي سيء، يوم 28 تشرين الثاني 2013، استدعى نقلها إلى مستشفى بيت جالا الحكومي في بيت لحم، إلى الجنوب من أبو ديس، إلا أن حاجز "الكونتينر" العسكري الذي تنصبه سلطات الاحتلال الاسرائيلي على الطريق المؤدية إلى المستشفى، حال دون وصولها، ما أدى إلى وفاتها.

وضع حرج

والد الطفلة، محمد عفانة (51 عاما)، يقول بحرقة شديدة:" ابنتي تعاني من مرض نادر في الدم، سبب لها شللا حركيا وحسيا كاملا، اكتشفناه عندما كانت في الثالثة من عمرها، ومنذ ذلك الوقت وهي بحاجة إلى رعاية طبية دائمة"، ويضيف:"قرابة الساعة الخامسة مساء، لاحظت أن طفلتي تتنفس بصعوبة، فاستدعيت سيارة الإسعاف، حيث تقرر نقلها إلى مستشفى بيت جالا الحكومي، على أن تدخل قسم العناية المركزة مباشرة دون المرور بالطوارئ، نظرا لخطورة وضعها".

وكما يقول سائق سيارة الإسعاف علاء بصة، كانت "نور" تعاني لحظة الوصول إليها من صعوبة بالتنفس، إضافة إلى انخفاض في درجة حرارة الجسم، وازرقاق بالأطراف العلوية، في علامة على نقص الأكسجين بدمها.

أزمة سببها الحاجز

noor-check-point-victimقرابة الخامسة والنصف تحركت سيارة الإسعاف من أبو ديس، وفي داخلها قام المسعف بربط الطفلة إلى جهاز تنفس صناعي. السيارة شقت نحو كيلومترين من الطريق المتعرجة التي لجأ الفلسطينيون إلى استخدامها أواسط التسعينيات بعد أن أغلقت سلطات الاحتلال طريق القدس-بيت لحم امامهم، لكن عند وصول السيارة إلى قرية السواحرة الشرقية الواقعة في الطريق الى بيت لحم،" اصطدمت بأزمة مرورية خانقة، إذ كانت السيارات (الفلسطينية) المتجهة صوب الحاجز تغلق الطريق بكلا الاتجاهين، فعلقنا على بعد كيلو متر واحد من حاجز (الكونتنينر)" يقول سائق سيارة الإسعاف، ويضيف:" في البداية لم اعرف سبب الأزمة، إذ لم أر أمامي إلا سيارات متوقفة على مد النظر، ولدى سؤال الناس، أجابوني أن جنود الاحتلال يعرقلون مرور السيارات على الحاجز ".

وبينما كانت الدقائق تمضي، حاولت سيارة الإسعاف التقدم وسط الأزمة: بإطلاق صفارة الإسعاف والزامور حينا، وبمساعدة المواطنين الذي حاولوا شق طريق لها حينا أخر، ولكن –كما يصف بصة- "بقيت عالقا في مكاني"، لذلك، وبعد أكثر من عشر دقائق انتظار، قرر السائق سلوك طريق أخر يطلق عليه اسم "شارع كيدار القديم"، "لكن سيارة الإسعاف علقت بأزمة مرورية أخرى هناك، على بعد نحو 500 متر من الحاجز"، وثانية "حاولت شق طريق بين السيارات المتوقفة، لكن دون جدوى" يقول بصة.

الحل المتبقي للوصول للحاجز، كان بسلوك طريق ثالثة توصل اليه، و"عندما نظرت إليها، كانت هي الأخرى تغرق بنفس الأزمة، فقررت عدم سلوكها" يوضح بصة.

الوضع يسوء

في تلك الأثناء كان وضع الطفلة – حسبما يقول والدها- يسوء، اذ كانت في غيبوبة، وأجهزة المراقبة تشير باضطراد إلى تتناقص كمية الأكسجين في دمها، ويضيف:" كنت ووالدتها في وضع نفسي وضغط شديدين، ونبكي، فماذا نفعل وأين نذهب؟ وابنتنا مربوطة إلى جهاز التنفس في سيارة الإسعاف".

التوجه لمستشفى رام الله

"بعد أكثر من نصف ساعة من الانتظار، كل ثاني منها مصيرية في وضع ابنتي" كما يقول والد الطفلة "استقر رأينا على التوجه الى مستشفى رام الله الحكومي"، أي تغيير مسار الرجلة من الجنوب إلى الشمال.

الرحلة الجديدة استغرقت ما يزيد عن 45 دقيقة، بدل عشر دقائق هي المسافة بين الحاجز ومستشفى بيت جالا، لتكون النتيجة وفاة الطفلة على بوابة مستشفى رام الله الحكومي.

كان يمكن إنقاذها

الطبيب المشرف على حالة نور، الدكتور عبد الله أبو هلال، الذي تابع عملية نقلها للمستشفى يقول:" طبيا، كان وضع الطفلة الصحي يوم وفاتها حرجا، بيد انه كان بالإمكان إنقاذها لو وصلت بالوقت المناسب إلى المستشفى".

الوالد المكلوم، لا يملك إلا أن يضرب كفا بكف حسرة على طفلته، فـ"نور" طفلته الوحيدة، بعد أن توفى شقيقها التوأم "زيد" وهو في الرابعة من عمره، لذات المرض.

وحسب مؤسسة "بيتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، وصل عدد الحواجز الإسرائيلية الثابتة المنصوبة في الضفة الغربية، في شهر شباط 2013 ، إلى 98 حاجزا من بينها 58 حاجزا داخليا منصوبة في عمق الضفة الغربية، بعيدا عن الخط الأخضر.

وسجلت مؤسسات حقوق الإنسان عشرات حالات وفاة لمرضى فلسطينيين أو ولادة على الحواجز لفلسطينيات، نتيجة عرقلة الحواجز العسكرية الإسرائيلية مرورهم لتلقي العلاج.