القائمة الرئيسية
EN
تصريحات فلسطينية متناقضة بشأن رفع دعوى في الجنائية ضد نتنياهو
17، أكتوبر 2015

نفت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الدكتورة حنان عشراوي، الأنباء التي تحدثت عن قيام دولة فلسطين برفع دعوى قضائية مؤخراً ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقالت عشراوي في تصريحات بتاريخ 14/10/2015 لـ"الحدث الفلسطيني" إنه "حسب القانون لا يجوز رفع دعوى قضائية ضد أشخاص في المحكمة الجنائية الدولية، وإنما يتم تقديم ملفات وبينات".

 وأضافت "محكمة الجنايات الدولية لا يمكن رفع دعاوى من خلالها على أشخاص، وهم يقررون اذا كان هناك قضية للمتابعة أم لا، ورفع القضايا يتم على ظاهرة أو ممارسة، وليس على شخوص".

لا يمكن رفع قضايا ضد أشخاص أمام المحكمة الجنائية   

وتابعت عشراوي" المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية هو الذي يقرر اذا كان هنالك أساس للمتابعة وما إذا وقعت جرائم حرب". وأشارت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن "محكمة الجنايات الدولية بدأت بفحص أولي للملفات التي قدمت لها، وأن دولة فلسطين تقدم لها المعلومات المطلوبة".

وأكدت عشراوي أن "اجتماعاً عقد مؤخراً لبحث تقديم ملفات جديدة ضد الإعدامات الميدانية التي تنفذها قوات الاحتلال منذ بداية الأحداث في الأول من الشهر الجاري". وأوضحت أن "اللجنة السياسية لمنظمة التحرير عقدت اليوم الأربعاء اجتماعاً لها لوضع آليات لتنفيذ قرارات الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة".     

 ثلاث قضايا ضد نتنياهو ووزير حربه وقادة أمنيين أمام المحكمة    

وكان وزير الشؤون الاجتماعية شوقي العيسة، قد صرح في لقاء مع وسائل الإعلام بذات اليوم الموافق 14/10/2015 أن "لدينا ملفات منظورة أمام المحكمة منذ شهر إبريل الماضي .. وقبل يومين أو ثلاثة كان لدينا اجتماع للجنة العليا ومباشرة بعد ذلك وبقرار من القيادة الفلسطينية تم رفع ثلاث قضايا جديدة إلى المحكمة ومن ضمنها قضية ضد نتنياهو شخصياً بصفته الرسمية كرئيس للحكومة ووزير حربه أيضاً وقادة أمنيين آخرين لمحاكمتهم بتهم جرائم ضد الإنسانية ..".    

قلقون من منهجية التعاطي مع ملف المحكمة    

ومن جانبه، أوضح الدكتور عصام عابدين، رئيس وحدة المناصرة في مؤسسة الحق "للحدث" بأن "التصريحات المتناقضة الصادرة عن كل من السيد العيسة والدكتورة عشراوي تبدو "مقلقة" في منهجية التعاطي مع ملف بالغ الدقة والحساسية بحجم المحكمة الجنائية الدولية، ولا توحي بتناغم ووضوح وانسيابية في المعلومات داخل أعضاء اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية واللجان الفرعية المنبثقة عنها، خاصة وأن كل من السيد العيسة والدكتورة عشراوي أعضاء في اللجنة الوطنية العليا". 

 وتابع عابدين " السيد شوقي العيسة عضو في "اللجنة الفنية" وهي إحدى اللجان الفرعية المتخصصة التي تضطلع بمهام من بينها جمع المعلومات والأدلة المتعلقة بالجرائم الدولية الخطيرة التي ينعقد لها اختصاص المحكمة ولا سيما ما يتعلق بملف الهجوم العسكري الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة وملف الاستيطان واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإيداع المعلومات لدى مكتب الادعاء العام ومتابعة الإجراءات أمام المحكمة في ضوء سيناريوهات مرحلة ما بعد الانضمام للمحكمة، فيما تترأس الدكتورة حنان عشراوي "اللجنة الإعلامية" المكلفة كلجنة فرعية أخرى بعدة مهام من بينها وضع وإدارة خطة استراتيجية إعلامية لمرحلة ما بعد الانضمام للمحكمة بشأن تلك الجرائم الدولية الخطيرة وإطلاع الجمهور الفلسطيني على آخر المستجدات المتعلقة بسير الإجراءات أمام مكتب الادعاء العام ولاحقاً أمام قضاة المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فإن هذا التناقض في التصريحات لا يبدو مبرراً، بل لا يبدو مفهوماً لا سيما مع تأكيد السيد العيسة أن اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة عقدت اجتماعها قبل يومين أو ثلاثة فقط".

 يجب "ضبط المصطلحات" في التصريحات الخاصة بالمحكمة

وشدد عابدين على أنه " يتوجب علينا ضبط المصطلحات المستخدمة في التصريحات الصادرة في كل ما يتعلق بملف المحكمة الجنائية الدولية، وتعزيز المحتوى القانوني والحقوقي في الخطاب الإعلامي، والتزام اللجان الفرعية الأربعة (اللجنة الفنية، اللجنة الإعلامية، لجنة الاتصال المجتمعي، لجنة اللوائح الداخلية) بمهامها ومسؤولياتها الواردة في النظام الداخلي للجنة الوطنية العليا، وتفعيل أدوار اللجان، لإبقاء هذا الملف حاضراً وبقوة في مختلف مستوياته، وقادراً على الاستجابة للتحديات والتعامل معها بمهنية واحتراف، وإلا تحولت التصريحات إلى إشكالية إضافية في مسار طويل ومعقد لا تنقصه الإشكاليات! الأمر الذي يستدعي، بالضرورة، مراجعة تقييمية لمنهجية العمل وسير الأداء داخل اللجنة الوطنية العليا واللجان الفرعية".     

هنالك خلط بين مرحلة الدراسة الأولية ومرحلة التحقيق الجنائي    

وتابع عابدين "يبدو أن التصريحات الصادرة مؤخراً، تنطوي على خلط بين مرحلة "الدراسة الأولية" التي تجريها المدعية العامة السيدة "فاتو بنسودا" من تلقاء ذاتها للحالة (الوضع) في فلسطين، وهي ليست تحقيقاً، وبين مرحلة "التحقيق الجنائي" الذي تجريه المدعية العامة بعد الحصول على إذن الدائرة التهميدية في المحكمة، وما يُميّز بين المرحلتين أن المدعية العامة لا تنظر في المسؤولية الفردية في مرحلة الدراسة الأولية التي تطبق فيها منهجيات ومعايير ثابتة ومبادئ عامة ثلاثة هي الاستقلال والنزاهة والموضوعية، بينما تشكل المسؤولية الفردية عنواناً لمرحلة التحقيق الجنائي الرسمي، الذي يتميز عن الدراسة الأولية ويختلف عنها، وهذا ما يمكن ملاحظته بوضوح من تعريف المحكمة ومسائل الاختصاص والمقبولية وقواعد المسؤولية الجنائية الفردية في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما).

وقال عابدين " لم أفهم ماذا يقصد السيد العيسه بقوله: مباشرة بعد اجتماع اللجنة العليا وبقرار من القيادة الفلسطينية تم رفع ثلاث قضايا جديدة إلى المحكمة ومن ضمنها قضية ضد نتنياهو شخصياً بصفته الرسمية كرئيس للحكومة ووزير حربه أيضاً وقادة أمنيين آخرين لمحاكمتهم بتهم جرائم ضد الإنسانية..". مضيفاً في تعليقه على تصريحات العيسة "يبدو لي أن تلك التصريحات تندرج في المجال السياسي، ولا علاقة لها بالإطار القانوني الوارد في نصوص وأحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات وغيرها من الوثائق التي تنظم سير الإجراءات أمام مكتب الادعاء العام وقضاة المحكمة".   

وتابع عابدين " كما أن تلك التصريحات لم تلحَظ أن المدعية العامة ما زالت في نطاق الدراسة الأولية للحالة الفلسطينية، وتلك الدراسة تمر في أربع مراحل، تتميز كل مرحلة منها عن الأخرى، وهي: مرحلة إجراء التقييم الأولي، مرحلة دراسة اختصاص المحكمة (الزمني والموضوعي والإقليمي أو الشخصي)، مرحلة دراسة مقبولية الحالة أمام المحكمة (مبدأ التكامل وخطورة الجرائم)، ووجود أسباب جوهرية تدعو المدعية العامة للاعتقاد بأن الانتقال من مرحلة الدراسة الأولية إلى مرحلة التحقيق الجنائي يخدم مصالح العدالة".  

ويتساءل عابدين: ماذا تعني عبارات من قبيل "رفع ثلاثة قضايا جديدة للمحكمة" و"مباشرة بعد اجتماع اللجنة العليا" ورفع "قضية ضد نتنياهو شخصياً ..." في حين أننا ما زلنا في مرحلة دراسة أولية فتحتها المدعية العامة من تلقاء ذاتها للحالة أو الوضع في فلسطين (الوثيقة ICC-OTP-20150116-PR1083)؟! 

مراجعة وثائق وأنشطة المحكمة وإلاّ قد تكون العواقب باهظة 

وأضاف عابدين "من المفيد، أيضاً، أن نشير إلى ما ورد في التقرير المقدم من المحكمة الجنائية الدولية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عن أنشطة المحكمة خلال الفترة 2013 – 2014 وثيقة رقم (A/69/321) حيث ورد في التقرير المذكور ما يلي "واصل مكتب الادعاء العام تحليل المعلومات الواردة من مصادر مختلفة تزعم ارتكاب جرائم من المحتمل أن تندرج ضمن نطاق اختصاص المحكمة. وأثناء الفترة من 1 آب/أغسطس 2013 إلى 30 حزيران/يونيه 2014 تلقى مكتب الادعاء العام 495 بلاغاً ..، وكان من الواضح أن 408 بلاغاً منها خارجة عن نطاق اختصاص المحكمة، وكان 30 بلاغاً منها لا صلة له بالحالات الراهنة ويحتاج إلى مزيد من التحليل، و37 بلاغاً يرتبط بحالة قيد التحليل والمتابعة، و20 بلاغاً له صلة بتحقيق أو مقاضاة". وشدد عابدين "علينا أن نتامل جيداً في وثائق المحكمة وأنشطتها وكل ما يصدر عنها قبل أي تصريح أو إجراء نقوم به في هذا المسار وإلاّ فإن العواقب قد تكون باهظة الثمن". 

المحكمة ليست عصا سحرية نلوّح بها في كل مناسبة  

وأكد عابدين " لا ينبغي التعامل مع المحكمة وإجراءات عملها بردات الفعل، هنالك العديد من الوثائق التي تنظم عمل المحكمة، والسياسات التي تنظم عمل مكتب الادعاء العام، ينبغي مراجعتها جيداً، وهنالك التزامات دولية على الجانب الفلسطيني بعد الانضمام للمحكمة ينبغي تنفيذها بحذافيرها، ومن الضروري فهم نقاط ضعف المحكمة بالإضافة إلى فوائدها المحتملة، والتوضيح للرأي العام أن طريق المحاسبة على الجرائم الدولية الخطيرة التي ارتكبت بحق الفلسطينيين، ووضع حد لسياسة الافلات من العقاب، وتحقيق ردع مستقبلي، طريق شاق وطويل، وليس معبداً بالورود، وأنه لا ينبغي توقع نتائج سريعة من عمل المحكمة، وهذا ما أكدناه مراراً؛ لأسباب عديدة ومتشعبة تتعلق بالأداء "الواقعي" للمحكمة التي تعتبر بشكل عام مؤسسة غير فعّالة وتعاني العديد من المشاكل اللوجستية ونقص التمويل وتأثيره على الأداء وما يتعلق بالبيروقراطية وطول الإجراءات الذي يتسم به عمل المحكمة علاوة على الإشكاليات المتوقعة المرتبطة بنظامها الأساسي".  

المحكمة أداة هامة في معادلة استراتيجية شاملة    

 وختم عابدين قائلاً " المحكمة الجنائية الدولية أداة هامة في مجال القانون الجنائي الدولي، ولكنها ليست عصا سحرية، نلوّح بها في كل مناسبة، علينا أن نفهم هذه المعادلة جيداً، وينبغي أن توضع المحكمة في إطار استراتيجية شاملة في مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية وعلى قاعدة التمسك بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني أينما وُجد وفي مقدمتها ممارسة حقه الكامل في تقرير المصير".