القائمة الرئيسية
EN
آخر المواضيع
10، أكتوبر 2024
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تستمر في إبادة سكان شمال غزة، بقصف المنازل على رؤوس ساكنيها، وتأمر بإخلاء المنطقة ثم تطلق النار على من يحاول الإخلاء، وتواصل أعمال القتل الجماعي في معظم مناطق القطاع
07، أكتوبر 2024
تغطية ميدانية: الإبادة الجماعية في غزة تدخل عامها الثاني والاحتلال يواصل القتل الجماعي والتدمير الشامل وتهجير السكان
06، أكتوبر 2024
نحو عام على جريمة الإبادة الجماعية: قوات الاحتلال تواصل تدمير المنازل ومراكز الإيواء على رؤوس ساكنيها، وتصعد جرائم التهجير القسري
03، أكتوبر 2024
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تكثف هجماتها على المدنيين والمدنيات ومساكنهم وتوقع العشرات بين قتيل وجريح في تكريس لجريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة
30، سبتمبر 2024
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تكثف جرائمها في قطاع غزة مستغلة تركيز الإعلام على عدوانها على لبنان
26، سبتمبر 2024
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل نسف وتدمير ما تبقى من مساكن والقتل الجماعي تكريسًا لجريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة
الهجوم على مدرسة التابعين: استهداف إسرائيلي متعمد أثناء صلاة الفجر في ظل استمرار الإبادة الجماعية
27، أغسطس 2024

 

 

 

 

 

 

 

مُلخص الحادثة:

حوالي الساعة 4:50 من فجر يوم السبت، الموافق 10 أغسطس/آب 2024، وردت أنباء تناقلتها مجموعات إخبارية عبر وسائل التواصل الإجتماعي تفيد باستهداف كبير لمدرسة التابعين في منطقة حيّ الدرج، وسط قطاع غزة. أظهرت التقارير الإعلاميّة الأولية واللقطات المصورة التي تبعت الأنباء الأوليّة انفجارا نتج عنه استشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين/ات في الموقع. وأفادت المقابلات الأولية المصورة لشهود العيان التي قام بجمعها فريق من البحث الميداني التابع لمؤسسة الحق في منطقة غزة وشمالها، أن طائرات حربية لقوات الاحتلال إسرائيلية استهدفت منطقة المُصلّى الملاصقة للمدرسة والتابعة لها، والمجاورة لغرف تأوي النازحين والنازحات. تجدر الإشارة إلى أنه في اليوم السابق للهجوم، وصلت دعوة من خلال رسائل نصية من الشيخ  محمد حسن أبو سعدة (أبو أنس)، وهو مدير الأوقاف في غزة وإمام مسجد مدرسة التابعين، دعا من خلالها الناس للحضور يوم السبت 10 أغسطس/آب 2024 وهو وقت وقوع الهجوم، للمشاركة في صلاة الفجر ويتلوها إختتام مسابقة تلاوة  القرآن الكريم.

 

 

 

ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، فقد استشهد أكثر من 100 فلسطيني/ة في الهجوم الإسرائيلي. وفي وصف للمشاهد المروعة بعد الاستهداف، صرّح المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، لقناة الجزيرة أن فرق الإنقاذ لم تتمكن من العثور على جثة واحدة بكامل أطرافها في الموقع. وفي مادة مصورة توثيقية خاصة بمؤسسة الحق من مكان الحدث تبين وجود تناثر أطراف وأشلاء الشهداء نتيجة الانفجار إلى خارج المُصلى وفي ساحة المدرسة.

                                          

 - صورة جويّة توضيحية لموقع المُصلى بالنسبة لمدرسة التابعين في منطقة حيّ الدرج شمال مدينة غزة.

الادعاءات الإسرائيلية 

ادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي على موقع "إكس" (تويتر سابقاً)، وجود حوالي عشرين عنصراً من المقاومة الفلسطينية من بينهم قادة كبار "يعملون" من داخل مدرسة التابعين، زاعما أنه تم استخدام المدرسة والمُصلى كـ"مجمع نشط" لتنفيذ هجمات ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي. كذلك شككت الادعاءات الإسرائيليّة بأعداد الشهداء والجرحى نتيجة هذا الهجوم، مدعية أن الأرقام غير متطابقة مع نوع السلاح المُستخدم ودقّة الاستهداف. تمكنت الحق من خلال تحقيقها الميداني والمعماري من إثبات زيف الرواية الرسمية الإسرائيلية وتفنيد ادعاءات جيش الاحتلال.

                                         

 - منشور عبر موقع "إكس" (سابقا تويتر) على الصفحة الرسميّة لجيش الإحتلال الإسرائيلي حول الهجوم على مدرسة التابعين، حيث يدّعي جيش الإحتلال أن المدرسة كانت تُستخدم لتنفيذ عمليات من قبل المقاومة الفلسطينيّة.

تفاصيل الحادثة:

تقع مدرسة التابعين في منطقة حي الدرج، وتبعد حوالي 500 متراً عن مجمع الصحابة الطبيّ. يُعد المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) المستشفى الأقرب إلى موقع الهجوم حيث يبعد حوالي 1.5 كيلو متراً هوائياً فقط. تأوي المدرسة نازحات ونازحين من المناطق المحيطة كحيّ الدرج والرمال والتفاح وبيت حانون منذ الأسبوع الأول من الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة. إضافة إلى مبنى مدرسة التابعين والذي يتكون من 4 طوابق تحيط بساحة داخليّة في الوسط، ويحدّ هذه الساحة من الجهة الشرقيّة مبنى مُصلى التّابعين المُكون من طابقين، حيث أن الطابق الأرضي من المُصلى مخصص للرجال والطابق الأول مخصص للنساء. نشرت قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد الهجوم تصويراً جويا يظهر سطح المُصلّى قبل وبعد الاستهداف، وفي الصورة التي ادعى الاحتلال أنها قبل الإستهداف، لم يتوفر أي دليل يشير إلى تاريخ التقاط الصورة والتي تظهر وجود بعض النازحين على سطح مبنى المُصلى المستهدف. وأشارت قوات الاحتلال بأن الصورة الثانية هي من بعد الاستهداف، وتظهر بها الأضرار الناتجة عن الهجوم. 

                                          

 - منشور عبر موقع "إكس"، يحتوي هذا المقطع على تصوير جوي يُظهر الأضرار الناتجة عن الهجوم الإسرائيلي على مسجد مدرسة التابعين في منطقة حي الدرج.

 

- تشير الأدلة التي جمعتها "الحق"، بما في ذلك المقابلات الأولية مع شهود العيان، واللقطات المصورة والأدلة الفوتوغرافية، من منطقة الاستهداف إلى أن آثار القنبلة التي استخدمت من قبل الاحتلال في هذا الهجوم غطت أثارها التفجيرية كل مساحة مسطح المُصلى في الطابقين أي حوالي 100 متر مربع لكل طابق. كما تبين وجود آثار دمار ملحوظة ناتجة عن القصف على أشجار النخيل بمحاذاة مدخل المصلى وكذلك المباني المحيطة به والتي تبعد على الأقل 20 مترا عن مكان الاستهداف.

 

                                                  

- صورة توضح آثار الدمار على المباني المحيطة بمبنى المُصلى من الجهة الشرقية، المصدر: فريق البحث الميداني، مؤسسة الحق 2024.

دحض الرواية الإسرائيلية:

- لم يقم جيش الاحتلال الإسرائيلي بتوفير أية أدلّة لدعم ادعائه بأن المبنى الخاص بالمُصلى كان يستخدم كـ "مجمع نشط" للمقاومة الفلسطينية، كما وتشير مشاهد اللحظات الأولى من الهجوم عن وقوعه خلال أداء صلاة الفجر أي المدة الزمنيّة التي يكون فيها مبنى المصلى مكتظا سواء في الطابق الأرضي المخصص للرجال أو الطابق الأول المخصص للنساء، مما يتناقض بشكل واضح مع ادعاء الاحتلال الإسرائيلي حول إتبّاعه إجراءات تهدف إلى الحدّ من عدد الضحايا، وبما يدعم تحليلنا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعمدت بتوقيت الهجوم واستهدافها للمصلى الإيقاع بأكبر عدد ممكن من الشهداء والجرحى الفلسطينيين المدنيين.

 

                                               

- صور التقطت خلال الساعات الأولى من الهجوم   داخل مصلى التابعين - تظهر في هذه الصور بقايا ملابس وعلب غذاء وأدوات طهي، مما يشير إلى أن المكان كان يُستخدم كمأوى للفلسطينيين النازحين.

بحسب الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن الاحتلال قام بقصف المبنى بثلاثة قنابل موجّهة. تمكن فريقنا من تحديد وتحليل الأضرار الناجمة عن اثنتين فقط. حيث أصابت الأولى بالقرب من المدخل/ بيت الدرج الخاص بمبنى المصلى والثانية بالقرب من أحد الأعمدة المركزية التي تتوسط المكان. يظهر من المواد التي قمنا بجمعها من المكان أن كل قنبلة من القنبلتين أصابت السطح بزاوية منخفضة كما تشير آثار الذخيرة على السطح العلوي للمبنى ثم اخترقت أرضية الطابق الأول نحو الطابق الأرضي.

 

  - صور تظهر الفتحات التي أحدثتها القذيفتان اللتان اخترقتا هيكل المسجد، والتي تمكنت مؤسسة الحق من تحديدها.

فحص فريق مؤسسة الحق عشرات مقاطع الفيديو من الموقع والتي حصلنا عليها من خلال التوثيق الميداني أو المصادر المفتوحة، والتي تظهر وجود عشرات الشهداء والجرحى، بالإضافة إلى حالات الخوف والذعر التي أصابت مئات النازحين في منطقة المدرسة، كما وتُظهر مواد تموينيّة وملابس متناثرة بين آثار الدمار. بعد معاينة هذه اللقطات، لم نستطع التعرف على أي معدّات عسكرية تدعم ادعاءات الاحتلال حول استخدام المقاومة الفلسطينيّة المُصلى كـ "مجمع نشط".

 

نوع السلاح المُستخدم:

تمكن فريقنا من فحص بقايا قنبلتين من طراز GBU-39 والتي تزن كل واحدة منهما حوالي 100 كيلوغرام وتحدث مساحة تدميريّة نصف قطرها بين 10 - 15 مترا. إن الهجوم وقع أثناء وقت صلاة الفجر، أي الفترة التي يكون فيها المُصلى مكتظا. إن استخدام هذه القنابل مع نطاقها التدميري الواسع على مبنى تبلغ مساحته حوالي 100 متر مربع لكل طابق، يشير الى أن جيش الاحتلال استهدف الحاق الأذى بجميع المتواجدين داخل المصلى وبعلم مسبق، وما يدعمه أيضًا أن قوات الاحتلال الإسرائيلية استهدفت منطقة معروفة بأنها تأوي نازحات ونازحين.

 - دراسة توضح المساحة التدميريّة لكل قنبلة من القنابل التي قمنا بالتعرف عليها، وموقعها بالنسبة لسطح مبنى المُصلى الخاص في المدرسة.

                                                 

- التعرّف على نوع السلاح المُستخدم في الهجوم على مُصلى المدرسة. تتطابق كل من قطعة غطاء الرأس (4) وقطعة دعامة الجناح الأوسط (2) وقطعة الجناح (3) وقطعة غطاء الذيل (1) مع قنبلة الـ GBU-39 الموجّهة أمريكيّة الصنع.

يعد الهجوم الإسرائيلي على مدرسة ومصلى التابعين في منطقة الدرج بوسط قطاع غزة من أعمال الإبادة الجماعية الإضافية في حرب الإبادة الجماعية المستمرة التي تشنها إسرائيل، ويعتبر مثالًا آخر على تجريد إسرائيل للشعب الفلسطيني من إنسانيته وتجاهلها التام لحقهم في الحياة.

 

إن إسرائيل مُلزمة بموجب القانون الإنساني الدولي بالتحقق من الأهداف وتقييم تأثير الهجمات، وإلغاء أو تعليق الهجوم أثناء التنفيذ إذا تبين أن الهدف ليس هدفًا عسكريًا أو أن الهجوم غير متناسب. لم تظهر اللقطات التي حللتها مؤسسة الحق أي معدات عسكرية في المدرسة المستهدفة، مما يتعارض مع الادعاءات الإسرائيلية بأن المدرسة كانت تستخدم لأغراض عسكرية. علاوة على ذلك، فإن استخدام إسرائيل لما لا يقل عن قنبلتين من طراز GBU-39، وتزن كل واحدة منهما حوالي 100 كيلوغرام وتحدث مساحة تدميريّة نصف قطرها بين 10 - 15 مترا، يتجاهل مبادئ التمييز والتناسب والاحتياطات، حيث لم يتم اتخاذ أي تدابير لتجنيب الفلسطينيين النازحين والمصلين في المنطقة ضرر هذا الهجوم.

 

وبالتالي، قد يشكل الهجوم جرائم حرب تتمثل في توجيه الهجمات بشكل متعمد ضد السكان المدنيين والأعيان المدنية، أو شن هجوم مع العلم بأنه سيتسبب في خسائر عرضية في الأرواح أو إصابات بين المدنيين أو أضرار للأعيان المدنية وفقًا للمادتين 8(2)(ب)(1) و(2) و(4) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. علاوة على ذلك، فإن استخدام هذا النوع من القنابل ذات النطاق التدميري الواسع وخلال وقت أداء صلاة الفجر يشير إلى أن قوات الاحتلال استهدفت عن علم جميع من كانوا داخل المسجد، مما قد يشكل جريمة حرب تتمثل في القتل العمد وفقًا للمادة 8(2)(أ)(1) من نظام روما الأساسي.

 

وبالنظر إلى الهجمات الإسرائيلية الواسعة الممنهجة والموجهة ضد السكان المدنيين، قد يشكل هذا الهجوم جريمة ضد الإنسانية تتمثل في القتل. إن استمرار تمتع إسرائيل بالحصانة الدولية يمكنها من مواصلة ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة دون أي رادع وبكل استهتار بالقانون الدولي وبحقوق الشعب الفلسطيني.