القائمة الرئيسية
EN
قراءة قانونية في مسودة "قرار إنهاء الاحتلال الإسرائيلي"
- تحسين عليان
27، يناير 2015

abbas-untied_nationsقامت القيادة الفلسطينية بتاريخ 29 كانون أول/ ديسمبر 2014 بطرح قرار دولي[1] أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يضع سقفًا زمنيًا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 للأرض الفلسطينية، وقد قام بطرح القرار بالنيابة عن فلسطين المملكة الأردنية الهاشمية.[2] تم التصويت على القرار في اليوم التالي، ولكن المجلس لم يعتمده، ذلك أنه حصل على ثمانية أصوات مؤيدة، في حين يحتاج القرار لمروره تسعة أصوات دون أن تستخدم أي من الدول الخمس الدائمة العضوية حق النقض أو الفيتو ضده. وقد جاءت نتيجة التصويت على النحو التالي: ثمانية أصوات مع مشروع القرار، وهي:  الأردن، والصين، وروسيا، ولوكسيمبرغ، وتشاد، وتشيلي، والأرجنتين، وفرنسا، وصوتين ضده، وهما: الولايات المتحدة الأمريكية، وأستراليا، وخمسة دول ممتنعة عن التصويت، وهي: المملكة المتحدة، وليتوانيا، ونيجيريا، وكوريا الجنوبية، ورواندا.

جاءت الخطوة الفلسطينية بعد أن فشلت المفاوضات المباشرة وغير المباشرة التي دامت لأكثر من عشرين عامًا في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية.

وعلى الرغم من أن الخطوة بحد ذاتها تعتبر تطورًا إيجابيًا، تبني فيه القيادة الفلسطينية على خطوتها السابقة بالمصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية العام الماضي، إلا أن القرار يعتريه عدد من النواقص التي ستحرم الشعب الفلسطيني من الحد الأدنى من حقوقه المكفولة بالقانون الدولي. فمن جهة، يعتبر التوجه للأمم المتحدة والمؤسسات الدولية خطوة تعيد القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح، من حيث اعتماد القانون الدولي مرجعًا وفيصلًا لحل الصراع، واستعادة الشعب الفلسطيني الحد الأدنى من حقوقه وفقًا للقانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ولكن مسودة القرار، من جهة أخرى، جاءت بمستوى لا ينسجم مع هذه الحقوق.       

لقد غابت اللغة القانونية ولغة الحقوق المنسجمة مع المبادئ المستقرة في القانون الدولي عن الفقرات الرئيسية في مسوّدة هذا القرار إلى حد بعيد. فعلى سيبل المثال، بدلًا من التمسك بمبدأ عدم جواز اكتساب أراضي الغير بالقوة وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، الذي تمت الإشارة إليه في ديباجة المسوّدة، والذي يكفل انسحابًا كاملًا من جميع الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1967، تم استخدام لغة سياسية مخففة تسمح لإسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، بالإبقاء على سيطرتها على أجزاء من الإقليم المحتل، وهذا واضح في نص الفقرة 2 من مسوّدة القرار التي يقرر فيها المجلس أن يكون الحل تفاوضيًا "ويستند إلى خط الرابع من جزيران/يونيه 1967". بالإضافة لذلك فإن النص لم يتضمن على أي من آليات التنفيذ، على الرغم من أنه تحدث عن سقف زمني للتطبيق.

لا تختلف مسوّدة هذا القرار عن غالبية القرارات التي تمت الإشارة إليها في الفقرة الأولى من ديباجته إلا في تحديد هذه المسوّدة لإطار زمني لإنهاء الاحتلال. وعلى الرغم من أن تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال يعتبر شيء إيجابي، ويمكن تفسيره على أنه سقف زمني لتطبيق القرار أيضًا، إلا أن مسوّدة القرار -من حيث الجوهر- لا تختلف عن غالبية القرارات التي تمت الإشارة إليها في الفقرة الأولى من الديباجة وخصوصًا القرار 1397 لعام 2002، والقرار 1515 لعام 2003، والقرار 1544 لعام 2004، والقرار 1850 لعام 2008، والقرار 1860 لعام 2009، ذلك أن هذه القرارات تحيل أصلًا إلى اتفاقيات سياسية لم تلتزم بحقوق الفلسطينيين وفقًا للقانون الدولي مثل خطة خارطة الطريق، وخطة عمل تينيت، وتوصيات تقرير ميتشل، ومبادرة السلام العربية، وتفاهمات أنابوليس، وتطالب الطرفين بالعودة إلى المفاوضات على أسس غير واضحة ولا تفضي إلى تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه وفقًا للقانون الدولي، وهذا ما جاءت عليه مسودة هذا القرار في الفقرة 11 من الديباجة التي يؤكد فيها المجلس "من جديد أن التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة وسلمية للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني لا يمكن أن يتحقق إلا بالوسائل السلمية .....، انطلاقا من الاتفاقات والالتزامات السابقة."  

بالإضافة لذلك فإن الفقرات الرئيسية في مسوّدة القرار تعطي أولوية بشكل لافت لما يسمى "الترتيبات الأمنية" على حساب الحقوق، حيث تم النص عليها مرتين في الفقرات الرئيسية، وهي الجانب الوحيد الذي نصت مسودة القرار على إعطائه أولوية على القضايا المهمة في المفاوضات التي ستعقد بين الجانبين، حيث نص البند 4 من المسوّدة على أن المجلس "يؤكد أن مسألة وضع خطة وجدول زمني لتنفيذ الترتيبات الأمنية ستكون في صدارة المفاوضات المعقودة في الإطار الذي يرسمه هذا القرار." بالإضافة لذلك، فإن نص الفقرة 2 (1) من مسوّدة القرار والتي تنص على ترتيبات أمنية جاء غامض ويسمح بالتفسير على أكثر من وجه. وللتوضيح سيتم اقتباس نص هذه الفقرة كما وردت في مسوّدة نص القرار لتبيان هذا الغموض الذي قد يكون مقصودًا:

" يقرر ( مجلس الأمن)  أن يكون الحل التفاوضي قائما على البارامترات التالية

"..... ترتيباتٌ أمنيةٌ، منها ما يتم من خلال وجود أطراف ثالثة، تكفلُ وتحترم سيادة الدولة الفلسطينية بسبل منها الانسحاب الكامل والتدريجي لقوات الاحتلال الإسرائيلية بما ينهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967 وذلك على فترة انتقالية يتفق عليها ويكون إطارها الزمني معقولًا بحيث لا يتجاوز نهاية عام 2017، وتضمن أمن إسرائيل وفلسطين على السواء من خلال الإدارة الفعالة لأمن الحدود والحيلولة دون عودة الإرهاب والتصدي بفعالية للتهديدات الأمنية، بما فيها التهديدات الجديدة والحيوية التي تتعرض لها المنطقة"  

يؤخذ على هذا النص ما يلي:

  • من غير الواضح استنادًا لهذا النص الفترة الزمنية التي سيكون فيها تواجد أمني لقوات أطراف ثالثة على الإقليم الفلسطيني، حيث يمكن للقارئ أن يفهم أن الاحتلال ( وفقًا للفهم الذي تطرحه مسودة القرار) سينتهي في نهاية عام 2017، ولكن هذا قد لا ينطبق على "الترتيبات الأمنية". أي أن "الترتيبات الأمنية" قد تكون دائمة.
  • يربط هذا النص بين إنهاء الاحتلال وما تتعرض له المنطقة ككل من تهديدات ما يسمى بالإرهاب، وإن هذا الربط سيعقد من فرص تمكين الفلسطينيين من ممارسة حقهم بتقرير المصير. ومن الملفت للنظر أيضًا أن "الترتيبات الأمنية" التي تتضمن تواجدًا لأطراف ثالثة ستنفذ على الإقليم الفلسطيني، وليس في إسرائيل، لحماية أمن "الدولتين".    

وبعد هذه المقدمة العامة سيتم فيما يلي تناول القضايا الرئيسية التي أخفقت مسوّدة القرار في النص على حلها انسجامًا مع القانون الدولي:

أولًا: القدس:

أشار مشروع القرار في ديباجته إلى أن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين، حيث جاء في الديباجة أن المجلس -أي مجلس الأمن- "يؤكد مرة أخرى حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال في دولته فلسطين، وعاصمتها القدس الشرقية"، ولكنه عاد في فقراته الرئيسية ل "يقرر... حل عادل لوضع القدس بوصفها عاصمة للدولتين بما يلبي التطلعات المشروعة لكلا الطرفين ويصون حرية العبادة". يبدو للوهلة الأولى أن هناك تضاربًا بين هاتين الفقرتين، فمن جهة "يؤكد" القرار في ديباجته على القدس الشرقية –نصًا- كعاصمة لدولة فلسطين، ولكنه من جهة أخرى يعود في فقراته الرئيسية لفقرة "يقرر" فيها أن القدس عاصمة لدولتين. وبما أن ديباجة أي قرار لمجلس الأمن تضع المبادئ العامة ومرجعيات التعامل مع القضية المطروحة أمام المجلس، وهي التي تضع المحددات التي يجب أن يكون حل القضية المطروحة منسجمًا معها، يفترض أن تكون فقرات القرار الرئيسية ( التي تلي الديباجة)، والتي تنص على كيفية التعامل مع القضية وتضع حلًا لها، منسجمة مع المبادئ العامة الواردة في الديباجة، وبخلاف ذلك فإن المحددات والمبادئ القانونية المنصوص عليها في الديباجة تصبح بلا معنى، ذلك أن ما يلزم قانونًا هنا هو نص الفقرات اللاحقة للديباجة، أي الفقرات الرئيسية، وليس الديباجة ذاتها.     

وفي حالة مسوّدة القرار قيد البحث فقد تمت الإشارة في الديباجة إلى مبادئ قانونية عامة منها الحق في تقرير المصير، الذي يعتبر مبدأً من مبادئ القانون الدولي العام المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، وحقًا من حقوق الإنسان منصوص عليه في العهدين الدوليين لحقوق الإنسان. كما تمت الإشارة لمبدأ عدم جواز اكتساب أراضي الغير بالقوة. وفي نفس الوقت تمت الإشارة إلى قرارات أممية تنسجم مع هذه المبادئ وقرارات أخرى تحيل بشكل رئيسي إلى اتفاقات سياسية بين الطرفين لاعتمادها كأساس "لحل النزاع". ولكن الفقرات الرئيسية  التي تلي الديباجة، والتي تحمل القوة الإلزامية، لم تأت منسجمة مع المبادئ القانونية العامة الواردة في الديباجة، وإنما مع القرارات التي تحيل لاتفاقات سياسية، وهذا سيقود الفلسطينيين إلى متاهة سياسية جديدة، ويتيح لإسرائيل فرصة للاستفادة من القرار للضغط على الفلسطينيين للحصول على المزيد من التنازلات على حساب حقوقهم المقرة بالقانون الدولي.  وبما أن مسوّدة القرار تشير في الديباجة إلى "حل عادل" لوضع القدس، وعلى مبدأ عدم جواز اكتساب أراضي الغير بالقوة، وإلى قرارات أممية ذات صلة بما فيها القرار 478 لعام 1980، الذي يقرر فيه المجلس عدم قانونية ضم القدس وعدم الاعتراف به، فإن هذا يقتضي أن تستمر مسوّدة القرار في اتباع هذا الخط الرافض للضم، بما يضمن تطبيق القانون الدولي عليها وعلى سكانها، ويكفل انسحابًا إسرائيليًا كاملاً من جميع المدينة التي احتلت عام 1967، وليس التفاوض على مستقبلها.

إن النص على أن القدس عاصمة لدولتين نص فضفاض، ويفتح الباب أمام تأويلات ستؤدي حتمًا، إن تم اعتماده لاحقًا من قبل مجلس الأمن كقرار، إلى تنازل الفلسطينيين عن أجزاء من القدس الشرقية المحتلة، وقد يسمح ذلك لدولة الاحتلال بأن تواصل سيطرتها، بل وتبسط سيادتها لاحقًا، على هذه الأجزاء. وقد تشمل هذه الأجزاء بعض أحياء البلدة القديمة تحت مسميات تتعلق بحرية العبادة المنصوص عليها صراحة في الفقرة 2 من مسودة القرار، ومستوطنات تتعامل معها إسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، على أنها جزء من أحياء المدينة مثل المستوطنة المسمّاة "هارحوماه" والمستوطنة المسماة "معاليه أدوميم". 

ثانيًا: الاستيطان

أكد هذا القرار في ديباجته على أن "المستوطنات في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس لها أي سند قانوني وتشكل حجر عثرة خطير، يحول دون التوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط". ولكن الفقرات الرئيسية من القرار لم تتطرق أبدًا إلى عدم قانونية الاستيطان، ووجوب تفكيكه، وتعويض المتضررين منه. كما أن عبارة "ليس له أي سند قانوني" الواردة في النص، لا تعني التحريم أو الحظر، وفقًا لما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة، وتحديدًا المادة 49 (6) منها، والتي تحظر على دولة الاحتلال "أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها" ، والذي يعتبر جريمة جرب وفقًا للمادة 8(ب) (8) من نظام روما الأساسي. كما أن هذا الحظر يعكس قاعدة عرفية في القانون الدولي. لذا، يجب أن يتم النص بشكل واضح لا لبس فيه على أن الاستيطان محرّم بموجب القانون الإنساني الدولي، وأنه يشكل جريمة حرب تقتضي محاسبة مرتكبيها، ومن يساهموا مساهمة فاعلة في بنائه، بما فيها بعض الشركات الضالعة في الجريمة، وليس اعتماد نص مخفف مثل المستخدم في ديباجة القرار، والمتمثل في أن المستوطنات "تشكل حجر عثرة خطير، يحول دون التوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط."

أن الإبقاء على النص بشكله الحالي سيفتح الباب أمام إسرائيل، لضم بعض الكتل الاستيطانية في الضفة بما فيها القدس. من ناحية أخرى أكدت مسوّدة القرار في الفقرة 1 على أن الحل للصراع سيؤدي إلى قيام "دولة فلسطينية فلسطينية متصلة جغرافيا". إن النص على الاتصال الجغرافي في الدولة الفلسطينية مهم، ولكن في سياق الحديث عن الضفة الغربية من جهة وقطاع غزة من جهة أخرى، بحيث يجب أن تتضمن مسوّدة القرار، نصًا يؤكد على الحق في هذا الاتصال الجغرافي وكيفيته، دون أن يكون لدولة إسرائيل إي إمكانية للحد منه. أما فيما يتعلق بالاتصال الجغرافي في الضفة الغربية فيجب أن يكون هذا أمر مسلم به لعدم وجود ما يمنع التواصل سوى الاستيطان، الذي يجب تفكيكه حتى تكون الأرض متصلة جغرافيًا. إن الاتصال الجغرافي المنصوص عليه هنا لا يعني بالضرورة قيام إسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، بالانسحاب من جميع الأرض التي احتلت عام 1967، وقد يتم ربط بعض أجزاء الضفة الغربية (التي ستكون جزء من الدولة الفلسطينية) ببعضها الآخر بطرق وأنفاق وجسور؛ بهدف الإبقاء على المستوطنات قائمة. 

ثالثًا: الجدار

جاء القرار في ديباجته على ذكر فتوى محكمة العدل الدولية المؤرخة 9 تموز/يوليه 2004 بشأن الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولكنه لم يؤكد في فقراته الرئيسية على أن الجدار والنظام المرتبط به غير قانوني، ويجب تفكيكه وتعويض المتضررين. إن سكوت النص عن هذا الأمر وعدم التأكيد على عدم قانونية الجدار ووجوب تفكيكه وتعويض المتضررين في الفقرات الرئيسية للقرار يمكن أن يفتح مجالًا للمناورة للإبقاء على الجدار أو أجزاء منه، والإقرار بأن الجدار بشكل حدود الدولة الفلسطينية العتيدة، وهذا أيضًا يشكل عقبة أمام ممارسة الفلسطينيين لحقهم في تقرير المصير.

رابعًا: تبادل الأراضي   

تشير مسوّدة القرار بشكل مباشر وغير مباشر إلى اتفاقيات لتبادل أراض ستعقد بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال الإسرائيلي. فقد جاء في البند الثاني من نص القرار أن مجلس الأمن "يقرر أن يكون الحل التفاوضي قائما على البارامترات التالية: - حدود تستند إلى خط الرابع من حزيران/يونيه 1967، مع اتفاقات محدودة ومتكافئة لتبادل الأراضي يتفق عليها الطرفان".. إن النص على تبادل الأراضي في قرار كان سيصدر عن مجلس الأمن سيمكن إسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، من ضم أجزاء من الأراضي التي تعتبر ذات أهمية تاريخية، وثقافية، ودينية، وأراض غنية بالثروات. كما أن ما جاء في مسودة القرار من أن التبادل سيكون محدودًا ومتكافئًا لا يحمل أي معنى، ذلك أن كل جزء من الأرض يستهدفه التبادل يحمل أهمية معينه لا يضاهيها في القيمة أي مكان آخر. فعلى سبيل المثال بم سيتم تبديل مساحات من الأرض تحتوي على ثروات طبيعية حيوية كالمياه والنفط مثلا، وبم سيتم مبادلة أراض تحتوي على مواقع ذات أهمية تاريخية وثقافية، وكيف سيتم من ناحية عملية التعامل مع الأراضي التي تعود ملكيتها لأفراد بعينهم ويرفضون مبادلتها، ويرفضون التعويض عنها؟    

إن الحديث عن تبادل الأراضي في هذه المرحلة التي لا تزال فيها إسرائيل تحتل الإقليم الفلسطيني غير قانوني، ويمكن أن يتم الحديث عنه فقط في حال انسحاب إسرائيل بشكل كامل من الأرض الفلسطينية المحتلة، وتفكيك المستوطنات، وقيام دولة فلسطينية تمارس سيطرة كاملة على إقليمها.

وكانت مؤسسة الحق قد نبهت في أكثر من مناسبة إلى عدم قانونية تبادل الأراضي وتأثير ذلك على حقوق الفلسطينيين بوصفهم شعب وأفراد كذلك. [3]

خامسًا: اللاجئون الفلسطينيون

نصت مسودّة القرار في الديباجة على أن المجلس "يؤكد حتمية التوصل إلى حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين على أساس القانون الدولي والقرارات ذات الصلة بما فيها القرار 194 (د-3) على النحو المنصوص عليه في مبادرة السلام العربية" كما جاء في الفقرات الرئيسية من القرار نص مشابه لهذا النص. من الجيد أن يكون الحل لقضية اللاجئين مستند إلى القانون الدولي والقرارات ذات الصلة بما فيها القرار 194، ولكن الإشارة إلى حل "متفق عليه" وفقًا لمبادرات سياسية مثل مبادرة السلام العربية قد يحرم غالبية اللاجئين الفلسطينيين الذين يرغبون في العودة من ممارسة هذا الحق على أرض الواقع.

وهنا يجب التأكيد على أن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة حق جماعي وفردي في نفس الوقت، جماعي بمعنى أنه يحق لجميع اللاجئين الفلسطينيين العودة لديارهم التي هجّروا منها، وفردي بمعنى أن القرار بالعودة يتخذ فقط من قبل اللاجئ وحده، وأنه وحده من يقرر ما إذا رغب بالعودة أم لا.

سادسًا: نهاية المطالبات

نصت مسوّدة القرار بشكل مباشر في الفقرات الرئيسية على أن المجلس " يسلم بأن اتفاق الوضع النهائي سيضع حدّاً للاحتلال وينهي جميع المطالب...". وإذا كان الحل النهائي سيكون وفقًا للنصوص الواردة في هذا القرار فإن ضحايا انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان سيحرمون من سبل الانتصاف، سواء أكانت تلك المبينه على المسؤولية الجنائية أو المدنية لمرتكبي الجرائم ودولة الاحتلال. كما أنه سيحرم اللاجئين الفلسطينيين الراغبين بممارسة حقهم في العودة لديارهم وفقًا للقانون الدولي وقرار الجمعية العامة رقم 194، من هذا الحق. كما أن للنص على نهاية المطالبات بعد آخر متعلق بتشجيع ثقافة الإفلات من العقاب. 

وختامًا فإن مؤسسة الحق، وفي الوقت الذي تعتقد فيه بأهمية التوصل إلى حل للصراع فإنها:

  • ترى أن هذا الحل لا يجب أن لا يكون على حساب حقوق الفلسطينيين بأي شكل من الأشكال، وأن الاستناد للقانون الدولي يقوي موقف الفلسطينيين في أي مفاوضات ناجمة عن صدور قرار مستقبلي عن مجلس الأمن، وأن أي قرار من المحتمل أن يصدر عن المجلس الأمن مستقبلا بهذا الصدد يجب أن يتقيد بحقوق الفلسطينيين وفقًا للقانون الدولي.    
  • تؤكد على أهمية الخطوات الأخيرة التي اتخذتها القيادة الفلسطينية، وخصوصًا الانضمام لمؤسسات دولية، والمصادقة على اتفاقيات دولية مهمة، والسعي للحصول على صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة، ولكنها ترى أن أي اتفاق أو قرار أممي مستقبلي يجب أن يتقيد بالقانون الدولي من أجل تمكين الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم كافة دون مواربة.
  • تؤكد أن الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني، ويجب تفكيكه، وأنه يشكل جريمة حرب مستمرة وفقًا للقانون الإنساني الدولي، ويمنع الفلسطينيين من بناء دولتهم على جميع الأرض التي احتلت عام 1967، هذا يوجب تفكيكه ومساءلة من يقف خلفه من أفراد وشركات.
  • تؤكد إن القدس الشرقية أرض محتلة ينطبق عليها القوانين المنطبقة على بقية الإقليم المحتل، ولا يجوز ضمها جزئيًا أو كليًا.

 


[1]  حملت مسوّدة القرار رقم S/2014/916

[2]  تم تسليم القرار من قبل الأردن بوصفها عضو في المجلس.

[3]  يمكن الرجوع للدراسة كاملة على الرابط التالي:

http://www.alhaq.org/publications/publications-index/item/exploring-the-illegality-of-land-swap-agreements-under-occupation