القائمة الرئيسية
EN
نص الرسالة التي رفعت للرئيس محمود عباس مطالبة سيادته سحب القرار بقانون بشأن تنظيم ممارسة حق الإضراب المشروع في الخدمة المدنية
10، أبريل 2008

فخامة الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس المحترم
رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية

تحية واحترام وبعد،،،

إيمانا منا بواجب تضافر الجهود الرسمية والمجتمعية في بناء وتجسيد صرح دولتنا الفلسطينية المستقلة والرقي بمؤسساتها وتشريعاتها لمصاف دول العالم المتحضرة، وتأكيداً منا على واجب ومسؤولية تحمل الدولة والمجتمع لالتزاماتهم الوطنية والقانونية في بناء النظام الديمقراطي الفلسطيني القائم على التعددية السياسية والتمثيل العادل لكافة شرائح ومكونات المجتمع الفلسطيني، وفي سبيل  ضمان حسن تمتع المواطن الفلسطيني بما أقرته الأنظمة المتحضرة من حقوق سياسية ومدنية واقتصادية واجتماعية وثقافية لمواطنها، بل وفي سبيل الرقي بطموحنا الفلسطيني لما يجب أن تكون عليه الحريات النقابية، ارتأينا التوجه لفخامتكم بطلب سحب القرار بقانون الصادر بتاريخ 5/4/2008م بشأن تنظيم ممارسة حق الإضراب المشروع في الخدمة المدنية.

فخامة الرئيس،،،

لقد استوقفنا في القرار بقانون مجموعة من الثغرات والمخالفات القانونية التي أهدرت باعتقادنا حقا من أهم الحقوق والحريات العامة ألا وهو حق الفلسطينيين المشروع بالإضراب.

1. القرار بقانون مشوب بعيب عدم الدستورية للأسباب التالية:

  • استند القرار إلى قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000م، الذي لا يتعلق ولا يتصل بل ولا تنطبق أحكامه بصريح نصوصه على موظفي الحكومة والهيئات المحلية وفق نص ومضمون المادة (3) التي جاء بنصها: "تسري أحكام هذا القانون على جميع العمال وأصحاب العمل في فلسطين باستثناء: 1- موظفي الحكومة والهيئات المحلية مع كفالة حقهم في تكوين نقابات خاصة بهم..." علما بأن القرار بقانون لم يتضمن أي نص بإلغائها.
  •  أوجب القرار بقانون تطبيق أحاكم المادة (67) من قانون العمل الفلسطيني رقم (1) لسنة 2000م، بمعزل عن أحكام المواد من (60) إلى (64) من قانون العمل، والناظمة لتسوية النزاعات العمالية الجماعية والتي تلزم أرباب العمل بالتفاوض ابتداء.
  • القرار بقانون قيّد حق الإضراب بفرضه للاشتراطات وإجراءات تُفقِد حق الإضراب مضمونه ومعناه وتحول عمليا دون ممارسته، مما يخالف صراحة أحكام القانون الأساسي الفلسطيني وتحديدا كل من نص المادة رقم (10) والمادة رقم (19) والمادة رقم (25) من القانون.
  • تجاوز القرار بقانون الصلاحيات المناطة بالرئيس بموجب نص المادة (43) من القانون الأساسي الفلسطيني، حيث استند القرار بقانون إلى هذه المادة في مجال وموضع لا يجوز الاستناد إليها فيه، إذ أن المبادئ المستقرة فقها وقضاء، تقضي بأن الأمور التي احتجزها الدستور أو القانون الأساسي ليكون التشريع فيها بقانون أي تشريع صادر من السلطة التشريعية، لا يجوز بأي حال من الأحوال تنظيمها أو تعديل أو إلغاء أحكامها بأداة تشريعية أدنى مرتبة من القانون، أي بمقتضى قرار بقانون أو لوائح تنفيذية.

ومن المعلوم بأن القرار بقانون شأنه شأن التشريعات الصادرة من السلطة التنفيذية هو أداة تشريعية أدنى مرتبة من القانون.

ومن هذا المنطلق لا مجال للاستناد على نص المادة (43) من القانون الأساسي، لتنظيم ممارسة حق الإضراب في الخدمة المدنية لكون هذه الصلاحية هي من اختصاص السلطة الأصيلة بممارسة التشريع أي المجلس التشريعي.

  • تنص المادة (67) من قانون العمل التي استند عليها القرار بقانون بشأن تنظيم لإضراب موظفي الحكومة على ما يلي:
  1. يجب توجيه تنبيه كتابي من قبل الطرف المعني بالإضراب أو الإغلاق إلى الطرف الآخر وإلى الوزارة قبل أسبوعين من اتخاذ الإجراء موضحاً أسباب الإضراب أو الإغلاق.
  2. يكون التنبيه قبل أربعة أسابيع في المرافق العامة.
  3. في حال الإضراب يكون التنبيه الكتابي موقعاً من 51% من عدد العاملين في المنشأة على الأقل، وفي حال الإغلاق تكون نفس النسبة من مجلس إدارة المنشأة.
  4. لا يجوز الإضراب أو الإغلاق أثناء إجراءات النظر في النزاع الجماعي.

ولعل من أهم المسائل التي يثيرها هذا النص الذي وضع بموجبه قانون العمل الفلسطيني لمجموعة من الضوابط الخاصة بتنظيم موضوع الإضراب في القطاع الخاص، انسجام هذه الشروط والضوابط مع طبيعة وخصوصية هذا القطاع، وهو ما لا يمكن له إن ينسحب بأي حال من الأحوال على قطاع الوظيفة العمومية لاختلاف وعدم تماثل القطاعين، بل إن تطبيق هذه الضوابط على قطاع الوظيفة العمومي يعني عمليا استحالة تنفيذ الموظفين العموميين لأي إضراب لكون اشتراط التوقيع على تنبيه الإضراب من 51% من عدد الموظفين على الأقل، يعني ضرورة توقيع عشرات الآلاف من الموظفين على كل تنبيه بالإضراب.

ومن هذا المنطلق فإن هذه القيود قد أدت عمليا ليس إلى ضبط وتقييد حق الموظفين العموميين بالإضراب، وإنما إلى إنكار هذا الحق ومصادرته بل والحيلولة العملية دون ممارسته ما يمثل مساسا واضحا بحق الإضراب الذي كفله وأكد عليه القانون الأساسي الفلسطيني.

  • إن اشتراط توقيع 51% من الموظفين العموميين على إنذار الإضراب يعني عمليا إنكار للصفة التمثيلية للنقابات المهنية في الوظيفة العمومية وعدم الاعتداد بها كما يمثل تحديدا واضحا وصريحا لأسلوب عملها في القضايا المتعلقة بالإضراب، وهو ما يخالف وينتهك صراحة التوجه الدولي الذي كفلته اتفاقية علاقات العمل في الخدمة العامة رقم (151)، الخاصة بحماية حق التنظيم النقابي وإجراءات تحديد شروط الاستخدام في الخدمة العامة، إذ ألزمت المادة الخامسة من الاتفاقية السلطات العامة بضرورة العمل على  توفير حماية كافية لمنظمات الموظفين العموميين من أي تدخل في تكوينها أو أسلوب عملها أو إدارتها.

ومن جانب آخر فإن مثل هذا الشرط التعجيزي قد يؤدي إلى تقويض النقابات المهنية في الوظيفة العمومية وبالتالي حرمان موظفي هذا القطاع من الهيئات النقابية التي تتبنى مصالحهم وتدافع عنها بوجه أي تعسف أو استغلال من السلطات العامة.

  • إن تقييد حق الإضراب على النحو الوارد بالقرار بقانون، قد أدى إلى إنكار واقعي لحق الفلسطينيين في الإضراب، مما يخالف قدسية هذا الحق الذي كفلته مجموع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمواثيق منظمة العمل الدولية والميثاق العربي لحقوق الإنسان، المعلن عن احترامها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية.

وعلى هذا الأساس نأمل من الرئيس الفلسطيني بالنظر لما شاب هذا المرسوم من انتهاكات جسيمة لأحكام القانون الأساسي، ولحق الفلسطينيين المشروع في الإضراب وللضمانات المقررة للتمتع بالممارسة الفعلية بالحقوق والحريات العامة المقررة بمقتضى القانون الأساسي، بل وفي سبيل تعزيز وضمان الحقوق والحريات العامة، وإعمال مبدأ المشروعية وسيادة القانون، اتخاذ ما يراه مناسبا من إجراءات لسحب هذا المرسوم وإنهاء سريانه.

التوقيع:

- انتهى -