القائمة الرئيسية
EN
مؤسسة الحق ترحب بالتوقيع على وثيقة المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وتطالب أطراف الوثيقة بتحمل مسؤولياتهم بمواجهة استحقاقات حقوق الإنسان وحرياته
إشارة رقم:169 /2011
05، مايو 2011

ورقة موقف:

إيمانا منا بمسؤولياتنا الوطنية والأخلاقية والقانونية، تجاه إعادة الوحدة لمؤسسات وسلطات الشعب الفلسطيني التي قوضها وأثقلها الانقسام السياسي، وإدراكا منا لواجبنا في العمل على تعزيز العدالة والمساواة وسيادة القانون كأساس للحكم الصالح وعماد لبناء الصرح الديمقراطي للدولة الفلسطينية العتيدة، القائم على التعددية السياسية والفكرية والثقافية ومبدأ التداول السلمي على السلطة، وتطبيق قيم العدالة والإنصاف، وقيم التسامح ومبادئ المساواة واحترام حقوق الإنسان وحرياته، وتأكيداً منا على حق الفلسطينيين كافة في الأمن والأمان، وفي الانتصاف بمواجهة أي اعتداء أو مس بحقوقهم وحرياتهم، ارتأينا التوجه لجميع القوى السياسية الفلسطينية الموقعة على وثيقة المصالحة ولكافة الفعاليات المجتمعية والنقابية للمطالبة بواجب وضرورة تبني إستراتيجية وطنية واضحة في إنهاء وإزالة آثار الانقسام السلبي على صعيد الحقوق والحريات وأيضاً على صعيد مؤسسات العدالة الفلسطينية.

إن مؤسسة الحق وإذ تبارك وتثمن احتكام الفلسطينيين لمبدأ الحوار والتسوية السلمية كأساس ونهج لحل الخلافات الفلسطينية الفلسطينية، التي كان لها أثراً سلبياً مدمراً على قضيتنا الوطنية الفلسطينية وحقوق شعبنا المشروعة في تقرير المصير والتحرر والانعتاق من نير الاحتلال وتسلطه، فضلاً عما ألحقته من ضرر فادح في منظومة القيم الناظمة لحقوق الإنسان وحرياته جراء التجاوزات والاعتداءات التي عصفت بهذه الحقوق وأفقدتها معناها ومدلولها، جراء تسييس التمتع بالحقوق والحريات وسياسة الانتقام ورد الفعل التي شابت ممارسات أطراف الانقسام، بحيث أضحى التمتع بالحقوق والحريات منوط بالموافقة الأمنية والتوجهات الحزبية وليس القانون.

كما أطلق كل جانب في سبيل مواجهة الطرف الآخر السلطة التقديرية لأجهزته الأمنية  التي غالت في استخدام الأمن، بحيث أصبح الأمن بمفهوم كل طرف الأساس والمنطلق الناظم لعمل الإدارة ومؤسسات كل من الطرفين، على حساب العدل واحترام القانون والخضوع لأحكامه، ما فتح المجال أمام ما شهدناه من انتهاكات للكثير من الحقوق وتحديداً حق الفرد في الحياة، وحقه في الأمن والأمان على شخصه وحقه في الحصانة بمواجهة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة الحاطة بالكرامة وحقه في حرية الرأي والتعبير وحقه في المشاركة بالحياة السياسية وتقلد الوظائف العامة وتأسيس الجمعيات وغيرها من الحقوق التي أدى الانقسام الى ربط التمتع بها وممارستها بالانتماء السياسي والحزبي سواء على صعيد قطاع غزة أو على صعيد الضفة الغربية.

إن وأد ما شاب المرحلة السابقة من انتكاسة على صعيد الحقوق والحريات لا يمكن له أن ينتهي بمجرد الاتفاق، وإنما يقتضي مثل هذا الوضع ضرورة ووجوب اتخاذ جميع الأطراف لجملة من التصرفات الجريئة والمسؤولة على الأرض التي قد تعيد الاعتبار للضحايا وتشعرهم بالانتصار لكرامتهم وبالعدالة وسيادة القانون والانتصاف بوجه الضيم الذي لحق بهم.

إن المخرج الوحيد لتوحد الفلسطينيين الفعلي والجاد، وصيانة وحدتهم والحفاظ عليها، وطي ما خلفته هذه الحقبة المظلمة من مآسي وانتهاكات، يقتضي ضرورة إقرار وتنفيذ جميع الجهات الفلسطينية بما فيها طرفي الانقسام للإجراءات والتدابير التالية:

أولاً: تجسيد العدالة الانتقالية عبر قيام طرفي الانقسام  بمعاونة الحكومة القادمة بالآتي

  • الاعتذار من الضحايا وذويهم، وتعويضهم عما لحق بهم من ضرر وألم مادي ومعنوي جراء الانتهاكات التي تعرضوا لها في حقوقهم وحرياتهم، سواء على صعيد القتل أو التعذيب أو الاحتجاز التعسفي أو الفصل الوظيفي وغيرها من التجاوزات التي مست حقوقهم وحرياتهم المكفولة بمقتضى القانون الأساسي ومبادئ حقوق الإنسان.
  • الشروع في التنفيذ الفوري لتوصيات اللجنة الفلسطينية المستقلة للتحقيق وفقاً لتقرير غولدستون، خصوصاً ما تعلق منها بحظر إحالة المدنيين على القضاء العسكري والإفراج عن كافة المدنيين الموقوفين من قبل النيابة والقضاء العسكري في الضفة وقطاع غزة وإلغاء كافة أحكام الإدانة التي أصدرها القضاء العسكري بحق المدنيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
  • ضرورة إعادة جميع من تم فصلهم من وظائفهم وأعمالهم إلى سابق عملهم مع تعويضهم عن فترة الانقطاع عن العمل والحفاظ على كافة حقوقهم وامتيازاتهم القانونية الوظيفية.
  • رد جميع الأموال التي تمت مصادرتها دون مسوغ قانوني مشروع من الأشخاص الاعتبارية الخاصة أو الأشخاص الطبيعيين.
  • الالتزام بتنفيذ مبدأ سيادة القانون على الجميع وعدم الإفلات من العقاب والتأكيد على عدم حصانة أي شخص سواء أكان قائداً أو مسؤولاً أو فرداً من الطرفين أمر أو نفذ أو شارك في أي من الجرائم والانتهاكات التي وقعت على الحقوق والحريات.
  • إقصاء كل من يدان أو أدين بارتكاب مثل هذه الجرائم عن أي منصب سياسي أو أمني أو إداري على صعيد السلطة تنفيذاً لأحكام القانون الأساسي.

لا شك بأن ملاحقة ومساءلة من ارتكب الجرائم والاعتداءات على حقوق المواطن وحرياته، هو الإجراء الوحيد الذي قد يحول دون تفجر ما خلفته هذه الجرائم من ضغائن وأحقاد ورغبات في الثأر والانتقام، ويؤكد الرغبة الجادة في العمل على تحقيق مفهوم العدالة الانتقالية.

ثانياً: الامتناع عن تسييس القضاء الفلسطيني وإخراجه من دائرة المحاصصة

إن القضاء النزيه والمستقل أحد أهم الضمانات الحامية لحقوق الإنسان وحرياته، ولمبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات، وليس هذا فحسب بل يعد القضاء النزيه والمحايد والمستقل، واحداً من الأعمدة الأساسية الضامنة لاستقرار وأمن المجتمع بمختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولهذا إذا ما غابت هذه الضمانة أو تم الانتقاص من استقلالها فقد المجتمع بلا ريب أسس استقراره ومقومات تطوره ونمائه.

إن استقلال هذه السلطة واحترام الجميع لصلاحياتها ومكانتها يقتضي إبعادها وعدم الزج بها في الخلاف أو الاتفاق السياسي، ومن ثم يجب تجنب إخضاعها للمحاصصة السياسية والحزبية، لما في هذه المحاصصة من تأثير على استقلال وحياد ومهنية القضاء الفلسطيني، كما أن من شأنها أن تؤدي حتماً إلى فتح المجال لتدخل وتأثير القوى السياسية في القضاء والمساس بهيبته واستقلاليته.

ثالثاً: تسوية أوضاع الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية

تشكيل لجنة فلسطينية رسمية وغير رسمية للنظر في جميع قرارات الحل وقرارات تغيير مجالس الإدارة وتعيين اللجان المؤقتة التي تم اتخاذها من قبل الطرفين خلال مرحلة الانقسام، لدراسة مدى صحة وسلامة هذه القرارات، وللعمل على إعادة الحال لما كان عليه لجميع الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية التي تم حلها وإغلاقها دون مسوغ قانوني مشروع، والعمل على تعويضها عن الأضرار التي لحقت بها تنفيذاً لأحكام القانون الأساسي.

رابعاً: الاستحقاق التشريعي

ضرورة قيام المجلس التشريعي بهيئته العامة ولجانه المتخصصة بمشاركة هيئات ومؤسسات المجتمع المدني بالعمل الجاد والمثابر على إعادة الاعتبار للمنظومة التشريعية الفلسطينية التي تعرضت لضربات قاسية خلال مرحلة الانقسام من صدور تشريعات انتهكت الحقوق والحريات المكفولة للمواطن الفلسطيني في القانون الأساسي ومبادئ حقوق الإنسان، والعمل على استعادة الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية لصيانة الحقوق والحريات، وكذلك العمل على معالجة الخلل القانوني الذي كشفته مرحلة الانقسام فيما يتعلق بالتشريعات الناظمة للقضاء العسكري ما سمح له بالتغول على القضاء النظامي وغصب سلطاته الدستورية والقانونية؛ ولهذا نرى ضرورة أن يقوم المجلس التشريعي الفلسطيني خلال المرحلة الانتقالية بوضع منظومة التشريعات الناظمة للقضاء العسكري وهي قانون عقوبات عسكري وقانون الإجراءات العسكري وقانون تشكيل المحاكم العسكرية بما يكفل حصر اختصاصه بالشأن العسكري فقط وينسجم مع أحكام القانون الأساسي والمعايير الدولية.

إن مؤسسة "الحق" وإذ تؤكد مجدداً على ترحيبها ومباركتها للمصالحة، وعلى ضرورة طي صفحة الانقسام، بكل ما خلفته من مآسي وجراح، تأمل تبني وإعمال هذه المقترحات خلال المرحلة الانتقالية والفاصلة ما بين الوضع الراهن وإجراء الانتخابات العامة الفلسطينية، بل وتعتبر إعمال هذه المقترحات عملاً ملحاً بوصفة استحقاق أولي يجب تنفيذه كمقدمة وإجراء أساسي لطي صفحة الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، بل ويعتبر هذا العمل بمثابة الخطوة الأولى والأساسية في العودة بالفلسطينيين وحقوقهم وكرامتهم نحو المسار الصحيح لبلوغ أهدافهم الوطنية العليا في التحرر وممارستهم لحقهم في تقرير المصير وعودة لاجئيهم.

- انتهى -

 

لتحميل ورقة الموقف إضغط هنا.